(فصل): في ذكر شروط الإمام
  مضوا فيما تقدم في أول الإسلام؛ لأنه لا يقول أحد يعقل وينصف إنه كان بعد علي # من علماء آل النبي ÷ في العلم والفقه على مثل ما كان علي # كما لم يكن علي # في فضل علمه يبلغ ما آتاه الله النبي ÷ من فضائل الحكمة والعلم، فإن لم يكن في ذلك الوقت إمام كان على الناس طلبه وإعانته.
  فإن قيل: إن الأئمة من أهل البيت $ وشيعتهم قد أجازوا قيام المحتسب بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبوبوا له باباً وذكروا من جملة شروطه: أنه لا يصح انتصابه إلا مع عدم الإمام وفي ذلك دليل على أن الزمان قد يخلو عن المجتهد؟
  والجواب والله الموفق: أن ذلك ليس بدليل على خلو الزمان عن المجتهد من العترة $ لجواز أن يكون له مانع من القيام إما لعدم من ينصره كما كان ذلك لأمير المؤمنين # وغيره من أئمة أهل البيت $ أو لنحو ذلك.
  وقالت (الحشوية: لا يشترط) في الإمام (العلم رأساً)، وإنما يشترط فيه عندهم القهر والغلبة، فثبتت عندهم إمامة يزيد بن معاوية لعنهما الله تعالى، وبغي سبط رسول الله ÷ الحسين بن علي @ لذلك.
  قال الإمام المهدي # في الغيث: والعجب ممن يرى فضل النواوي(١) في العلم والورع مع كونه من أهل هذا المذهب. قال في منهاجه الذي صنفه في الفقه في بيان ما تنفذ به الإمامة ما هذا لفظه: «وبالغلبة ولو فاسقاً أو جاهلاً في الأصح» فأوجب طاعة الجهال والفساق والائتمام بهم. انتهى.
  (لنا) حجة على قولنا: (الإجماع) على اشتراط الاجتهاد (والآية) المتقدم
(١) يحيى بن شرف بن مري بن حسن الحزامي الحوراني، النووي، الشافعي، أبو زكريا، محيي الدين: علامة بالفقه والحديث. مولده ٦٣١ هـ ووفاته ٦٧٦ هـ في نوى (من قرى حوران، بسورية) وإليها نسبته. تعلم في دمشق، وأقام بها زمنا طويلا. من كتبه تهذيب الاسماء واللغات و المنهاج في شرح صحيح مسلم (الأعلام للزركلي باختصار).