(فصل): في ذكر شروط الإمام
  قد دلت في بعض الأئمة أنهم كانوا أفضل الأمة في جميع هذه الخصال ظاهراً وباطناً كأمير المؤمنين والحسن والحسين.
  والقسم الثاني: يستحق عليه المدح فقط وهذا كالشجاعة وثبات القلب وكالعلم بالسياسات وحسن الضبط والتأني لذلك والصبر عليه وكالسخاء بالأموال في مواضعها وكالقرابة من الرسول فهذه الفضائل هي التي تعتبر في باب الإمامة.
  ومن كان أجمع لها من الناس وأشد تقدماً فيها أولى بالإمامة، ولا يجوز العدول عن الأفضل فيها أو من هو كالأفضل إلى من هو دونه على وجه من الوجوه.
  ثم قال صاحب المحيط ما معناه: فإن كان الأفضل في أشياء مفضولاً في أشياء غيرها فمن الأولى بالإمامة؟
  فالجواب أن الأولى بالإمامة من هو الأفضل في الخصال التي هي أشد تعلقاً بها وأكثر اختصاصاً بحاجة الأئمة إليها.
  قال: فإن قال قائل: إن لم تجز إمامة المفضول فما قولكم في الإمام إذا ظهر في أيامه من هو أفضل منه هل يلزمه تسليم الأمر إليه؟
  فجوابنا: لا يلزمه.
  فإن قال: أليس ذلك يناقض كلامكم؟
  قلنا: لا يناقض ذلك؛ لأن الثاني ليس بإمام وإن كان قد ساوى الإمام في جميع خصاله أو فضُلَ عليه فالإمام بالسبق إلى الدعوة والنهوض بالأمر وتوطين النفس على تحمل المشقة قد فضل عليه وهي فضيلة لا يساويه فيها من لم يختص بذلك، وعلى الأحوال كلها يكون هذا الإمام هو الأفضل. انتهى ما ذكره صاحب المحيط، وفيه من البيان والدلالة الواضحة ما يكفي ويشفي.
  (و) الشرط التاسع من شروط الإمامة: (الشجاعة، وحدّها) أي الشجاعة