(فصل): في ذكر شروط الإمام
  (أن يكون معه من رباطة الجأش) أي شدة القلب وثباته، والجأش مهموز جأش القلب وهو رواعه إذا اضطرب عند الفزع يقال: فلان رابط الجأش أي يربط نفسه عند الفرار لشجاعته. كذا ذكره في الصحاح.
  فلا بد ما يكون معه من رباطة الجأش (ما يتمكن معها من تدبير الحروب عند فشل الجموع) من الهزائم ونحوها مما يفشل عنده من لم يربط جأشه وذلك (لئلا تتحطم جيوش المسلمين) أي تهلك لأنه إذا فشل الإمام في مثل ذلك الوقت ولم يتمكن من تدبير الحرب المؤدي إلى حفظ المسلمين ونصرتهم ظفر بهم العدو وضعف أمر المسلمين.
  ولا يشترط أن يكون الإمام في الرتبة العليا من الشجاعة.
  قال الإمام شرف الدين #: والشجاعة تنقسم إلى: واجب وهو مقاومة الواحد للاثنين في الجماعة أو منفرداً حيث يكون هو الطالب في الأصح، وإن ظن الهلكة في الأصح؛ لقوله تعالى: {فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ ...} الآية [الأنفال: ٦٦]، واستقر عليه الشرع.
  ومندوب وهو حيث يزيد عدد الكفار على مثلي المسلمين ويظن عدم الهلكة، ومكروه وهو حيث يزيد عدد الكفار على المثلين ويظن الهلكة في قول.
  ومحظور في هذه الصورة في القول الآخر.
  ومباح حيث يزيد عدد الكفار على المسلمين ولا يحصل له ظن بل يجوّز الهلكة والغلب.
  وقسم المحظور إنما يستقيم على أحد وجهي أصحاب الشافعي وإلا فقد حكى الإمام يحيى # أن الفرار لا يجب بلا خلاف فلا يستقيم إقدام محظور إلا في بغي أو نحوه.
  قال: فعرفت من هذا أنه يجب أن يعرف من حال الإمام أن يكون ممن يكثر منه الإقدام حيث يظن السلامة وحيث يستوي الأمران بل وحيث يظن الهلكة