(فصل): في حكم الطريق إلى الإمام
  الآخر كقوله(١):
  فسقى الغضا والساكنيه وإن هم ... شبوه بين جوانحي وضلوعي
  أراد بأحد ضميري الغضا أعني المجرور في الساكنيه - المكان الذي فيه شجر الغضا، وبالآخر أعني المنصوب في «شبوه» النار الحاصلة من شجرة الغضا وكلاهما مجاز كذا ذكره صاحب المطول فعلى هذا قد أطلق لفظ الغضا وأراد به ثلاثة معاني مختلفة: الأول منها الحقيقة وهي الشجر المعروف الذي هو القرض.
  والثاني: موضعه وهو مجاز تسمية للمحل باسم الحال.
  والثالث: النار الحاصلة من الشجر وهو مجاز تسمية للمسبب باسم سببه.
  قالوا: اللفظ إما أن يوضع لإفادة الأفراد فقط أو لإفادة المجموع فقط أو لإفادة الأفراد والمجموع على الجمع، أو لإفادة الأفراد والمجموع على البدل.
  إن كان الأول فاستعماله في المجموع مجاز.
  وإن كان الثاني فليس بمشترك لأن مفهومه يصير واحداً كالبلَق.
  وإن كان الثالث فهو محال لأن معنى إفادته للمجموع أنه لا يحصل الاكتفاء إلا بالمجموع.
  ومعنى إفادته للأفراد أنه لا يحصل الاكتفاء بكل واحد منهما.
  وإن كان الرابع فاستعماله في المجموع ليس استعماله في جميع مفهوماته بل يكون إفادته للمجموع بعض مفهوماته.
  قال: ولنا أن نجيب بأنا نختار القسم الرابع ونقول: استعماله في المجموع وإن كان بعض مفهوماته لكن كلامنا في مفهوماته التي هي أفراد المجموع فمتى
(١) ذكر البيت في معاهد التنصيص على شواهد التلخيص للبحتري وكذا في خزانة الادب وغيره والبحتري كما في الأعلام للزركلي الوليد بن عبيد بن يحيى الطائي، أبو عبادة البحتري: شاعر كبير، يقال لشعره سلاسل الذهب. ولد بمنبج ٢٠٦ هـ (بين حلب والفرات) ورحل إلى العراق، ثم عاد إلى الشام، وتوفي بمنبج ٢٨٤ هـ. له ديوان شعر - ط. (باختصار).