(فصل): في حكم الطريق إلى الإمام
  قال: كنت عند أبي ذر في مجلس لابن عباس وعليه فسطاط وهو يحدث الناس؛ إذ قام أبو ذر حتى ضرب بيده إلى عمود الفسطاط ثم قال: أيها الناس من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني أنبأته باسمي أنا جندب بن جنادة أبو ذر الغفاري سألتكم بحق الله وبحق رسوله أسمعتم رسول الله يقول: «ما أقلت الغبراء ولا أظلت الخضراء ذا لهجة أصدق من أبي ذر»(١)؟
  قالوا: اللهم نعم.
  قال: أفتعلمون أيها الناس أن رسول الله جمعنا يوم غدير خم ألف وثلاثمائة رجل وجمعنا يوم سمرات خمسمائة رجل كل ذلك يقول: «اللهم من كنت مولاه فإن علياً مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه» فقام عمر فقال: بخ بخ يا ابن أبي طالب أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة؟ فلما سمع ذلك معاوية بن أبي سفيان اتكأ على المغيرة بن شعبة وقام وهو يقول: لا نقر لعلي بولاية ولا نصدق محمداً في مقالة فأنزل الله تعالى على نبيئه: {فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى ٣١ وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى ٣٢ ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى ٣٣ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ٣٤}[القيامة]، تهدداً من الله تعالى وانتهاراً؟
  فقالوا: اللهم نعم. انتهى.
  وما رواه بريدة الأسلمي قال: غزوت مع علي ¥ إلى اليمن فرأيت منه
(١) رواه الترمذي في سننه وابن ماجه في سننه، وابن حبان في صحيحه، وأحمد في مسنده، وابن أبي شيبة في مصنفه، والحاكم في المستدرك، والطبراني في الأوسط، وعبد بن حميد في مسنده، والبخاري في التاريخ الكبير وفي الكنى، والطبري في تهذيب الآثار، وأبو نعيم في الحلية وفي معرفة الصحابة، والبزار في مسنده، وابن قانع في معجم الصحابة، وابن عساكر في تاريخ دمشق، والدولابي في الكنى والأسماء، وابن عبدالبر في الاستيعاب، وابن سعد في الطبقات، والملا في مرقاته، والمزي في تهذيب الكمال، وغيرهم. وقد روي عن عدد من الصحابة رفعوه إلى النبي ÷ منهم علي # وأبو ذر وجابر بن عبدالله وأبو سعيد الخدري وأبو الدرداء وأبو هريرة وعبدالله بن عمرو وجابر بن سمرة والهجنع بن قيس وغيرهم.