(فصل): في حكم الطريق إلى الإمام
  فقال: «والله الذي لا إله إلا هو إنه من أمر الله» فولى الحارث يريد راحلته وهو يقول: اللهم إن كان ما يقوله محمد حقاً فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم، فما وصل راحلته حتى رماه الله بحجر فسقط على هامته وسقط من دبره، ونزلت الآية.
  قلت: ولأجل مثل هذا قال الله سبحانه في الآية الأولى: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}[المائدة: ٦٧].
  وهذا التفسير لا ينافي ما ذكره الهادي # في تفسير قوله تعالى: {سَأَلَ سَائِلٌ}[المعارج: ١]، قال الإمام المنصور بالله # وهذا الخبر كما ترى يدل على أن خبر الغدير وقع في الورود والصدور ليكون جمعاً بين الأخبار.
  (وبيان الاستدلال به) أي بهذا الخبر أنه ÷ أثبت لعلي # كونه مولى لجميع المؤمنين كما أن الله مولاهم ورسوله والمولى هنا هو السيد الرئيس الذي يلي التصرف وذلك هو معنى الإمامة.
  يوضحه (أن كلمة مولى) وإن كانت (مشتركة بين معان) فهي تفيد معنى الإمامة وذلك لأن (من جملتها مالك التصرف) كما نذكره الآن، بل هو الغالب عليها بدليل سبق الفهم إلى ذلك عند قولنا: فلان مولى القوم.
  وتلك المعاني منها: المُعتِق اسم فاعل، والمعتَق اسم مفعول.
  وبمعنى المود يقال: هذا مولى فلان أي موده.
  وبمعنى الناصر ومنه قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا}[محمد: ١١]، أي ناصرهم.
  وبمعنى ابن العم يقال: فلان مولى فلان أي ابن عمه.
  وبمعنى المحالف قال النابغة الجعدي(١):
(١) قيس بن عبد الله بن عدس بن ربيعة الجعدي العامري، أبو ليلى: شاعر مفلق، صحابي: من المعمرين. اشتهر في الجاهلية. وسمي «النابغة» لانه أقام ثلاثين سنة لا يقول الشعر ثم نبغ فقاله. =