(فصل): في حكم الطريق إلى الإمام
  انقضاء أجله لئلا يندرس الدين ولا تبدل أحكام رب العالمين فيحيي ذلك الوصي ما أوصى إليه به ذلك النبي يسير بسيرته ويهدي بهديه ولولا ذلك لدرست الأعلام ولبدلت الأحكام ولاعرف الحلال من الحرام حتى إذا أفضت النبوءة إلى خاتم النبيين والحجة على الخلق أجمعين والشاهد عليهم يوم الدين محمد ÷ ودعا إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة صابراً على الأذى محتملاً للبلاء مخالفاً في الله الأقرباء، دعا عشيرته الأقربين وعم بالدعوة جميع الخلق أجمعين فكان أول من أجابه وصدقه أخوه المرتضى وابن عمه المهتدي علي بن أبي طالب ~.
  إلى أن قال: حتى إذا دنا حمامه وانقضت أيامه بعد كمال الدين والنصيحة لرب العالمين قصد بالوصية قصد دليله ليوضح لأمته من بعده منهاج سبيله أقام أخاه علماً لأمته، واستودعه ما استودعه الله من علمه وحكمته، متبعاً بذلك سنن النبيين الذين خلوا من قبله لقول الله تبارك وتعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ}[الأنعام: ٩٠]، فاقتدى بهدى إبراهيم ويعقوب وجميع النبيين في الوصية لقول الله تعالى: {وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَابَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ١٣٢}[البقرة]، وقال: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ}[النساء: ١٣١]، وقال تبارك وتعالى فرضاً على عباده: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ}[المائدة: ١٠٦].
  إلى أن قال: فلما أنزل الله تبارك وتعالى الوصية في غير آية وافترضها على عباده وأمرهم بها كان رسول الله ÷ أحق الخلق وأولاهم بأن يأخذ بما افترض الله عليه وأن يُفْضِي بما قلده الله وأسند إليه إلى من يقوم مقامه فيهم وهو قوله تبارك وتعالى: {وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ٥١}[القصص]، يعني وصياً