شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

[كلام ابن عباس ¥ مع الرجل الشامي]

صفحة 125 - الجزء 3

  يكفروا حجاً ولا عمرة ولا صلاة ولا زكاة ولا صوم شهر رمضان.

  قال ابن عباس: ثكلتك أمك وعدمتك سل عما يعنيك ودع ما لا يعنيك.

  قال: ما من أمر أنا له أعنى ولا عليه أحرص مني على هذا.

  قال ابن عباس - وهو يريد أن يصرفه عن الذي يريد -: تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون.

  قال الشامي: يا ابن عباس إن قومي جمعوا لي نفقة من أموالهم وأرسلوني إليك فأنا رسولهم وأمينهم ولا يسعك في دين الله أن تردني إليهم بغير قضاء حاجتهم وقد رضي القوم جميعاً، ففرج عنا فرج الله عنك⁣(⁣١).

  فقال ابن عباس: إن العلم الغائب يستصعب لا يقوى على حمله إلا ثلاثة ملك مقرب أو نبي منتجب أو مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان وقد علمت أنك لست بملك ولا نبي ولعلك ممن امتحن الله قلبه للإيمان فكيف أنت إذا مر بمسامعك ما لم تسمع بمثله قط وكيف احتفاظك بما عسيت أن لا يبلغ فهمك ذكره وإن كان هو الحق؟

  قال الشامي: أرجو أن يلهمني الله معرفته.

  قال ابن عباس: يا أخا أهل الشام احفظ وافهم واسمع وبلغ أصحابك أني أخبرك أنه كان مَثَلُ علي بن أبي طالب ~ في هذه الأمة كمثل العبد الصالح الذي لقيه موسى صلى الله عليهما على ساحل البحر كما وصفه الله في كتابه قال: {عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا ٦٥}⁣[الكهف]، فلما أن لقيه موسى وكلمه وسمع كلامه أقر له بفضله ولم يحسده على علمه كما حُسِد علي على علمه بل خضع له موسى إذ لقيه فطلب إليه أن يتبعه


(١) رواه في الكامل المنير وروى بعض الحوار الإمام المتوكل على الله أحمد بن سليمان (ع) في حقائق المعرفة والشرفي في تفسير المصابيح وذكر القصة محمد بن سليمان الكوفي في المناقب وروى القصة العصامي في سمط النجوم العوالي.