شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل في التحسين والتقبيح العقليين)

صفحة 134 - الجزء 1

  وعبدالملك الجويني فإنهم وافقوا المتأخرين من الفلاسفة كابن سينا⁣(⁣١) وأبي نصر الفارابي⁣(⁣٢) فإنهم ذهبوا إلى أن العلم بقبح المقبحات وحسن المحسنات ووجوب الواجبات ليس حاصلاً بفطرة العقل وغريزته بل مستند هذه الأحكام والقضايا عندهم الشهرة فيما بين العقلاء.

  ومعنى هذا هو أن هذه القضايا متى تكررت على السمع في مبتدأ الصبا واتفق عليها أهل البلدان لإصلاح معايشهم انغرست في أفهامهم هذه القضايا وسارعت النفوس إلى قبولها والتصديق بها لأجل الإلف والعادة من الآباء الأكابر في حال الصغر.

  وقالوا: إن منشأها هو مقتضى الأخلاق من الرقة والحنو والحياء إلى آخر ما زعموه وموهوا به، ذكر هذا الإمام يحيى # في الشامل.

  قال الفقيه عبدالله بن زيد العنسي في المحجة: وأعظم من دس هذه المقالة عليهم محمد بن محمد بن محمد الغزالي قال: وروي أنه تاب ومات على مذهب أهل العدل، وكذلك روى عمران⁣(⁣٣) بن الحسن بن ناصر العبدي الشتوي عن


(١) الحسين بن عبد الله بن سينا، أبو علي: الفيلسوف، صاحب التصانيف في الطب والمنطق والطبيعيات. أصله من بلخ، ومولده في إحدى قرى بخارى ٣٧٠ هـ. ونشأ وتعلم في بخارى، وطاف البلاد، وناظر العلماء، واتسعت شهرته. ثم صار إلى أصفهان، وصنف بها أكثر كتبه. وعاد في أواخر أيامه إلى همذان، فمرض في الطريق، ومات بها ٤٢٨ هـ. قال ابن قيم الجوزية: (كان ابن سينا - كما أخبر عن نفسه - هو وأبوه من أهل دعوة الحاكم من القرامطة الباطنيين). أشهر كتبه (القانون - ط) في الطب. (الأعلام للزركلي باختصار).

(٢) محمد بن محمد بن طرخان بن أوزلغ، أبو نصر الفارابي، ويعرف بالمعلم الثاني: أكبر فلاسفة المسلمين. تركي الاصل، مستعرب. ولد في فاراب ٢٦٠ هـ (على نهر جيحون)، وانتقل إلى بغداد فنشأ فيها، وألف بها أكثر كتبه، ورحل إلى مصر والشام. واتصل بسيف الدولة ابن حمدان. وتوفي بدمشق ٣٣٩ هـ. كان يحسن اليونانية وأكثر اللغات الشرقية المعروفة في عصره. (الأعلام للزركلي باختصار).

(٣) عمران بن الحسن الشتوي العذري، المتوفى في عشر ثلاثين وستمائة، وهو من أعيان أصحاب =