(فصل): في حكم الطريق إلى الإمام
  قال #: ثم وإن (سلمنا) أن المعني بقوله: {ستدعون} هم المتخلفون عن غزوة تبوك فلا يلزم من ذلك أن يكون جميع المتخلفين عن غزوة تبوك لم يدعهم النبي ÷ فيكونوا المرادين بقوله تعالى: {فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا} لأن الكلام حينئذ يحتمل (أنه ÷ لم يدع طائفة منهم) أي من متخلفي غزوة تبوك و (لكنه ÷ قد دعا من عدا تلك الطائفة) التي لم يدعها منهم أي من متخلفي غزوة تبوك؛ لأن الآية التي هي قوله تعالى: {فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا} لم تمنع من الخروج معه ÷ إلا طائفة من المخلفين لا كلهم وحينئذ فالمعني بقوله تعالى: {ستدعون} أي يدعوكم النبي ÷ وهم من عدا تلك الطائفة التي لم يدعها رسول الله ÷ لأن متخلفي غزوة تبوك قد قسمهم الله تعالى طوائف يدل عليه قوله تعالى: {فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ ٨١ فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ٨٢ فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ}[التوبة]، فدل ذلك على أن المراد طائفة منهم مخصوصة لا كل المخلفين فهات الدليل على أن المراد بقوله تعالى: {ستدعون} هو الطائفة المخصوصة من متخلفي غزوة تبوك وهي التي قال فيها الله سبحانه وتعالى: {فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا} ولا يجدون إلى الدليل سبيلاً.
  وهذا مع التسليم أن آية الفتح قد أريد بها ما في آية براءة وذلك محال لما بيناه أولاً.
  فوضح بحمد الله بطلان مقالة أهل هذا القول، وثبت أنه لا دليل على إمامة أبي بكر وعمر لا من عقل ولا شرع.