(فصل): في حكم الطريق إلى الإمام
  يا بشير عقتك عقوق وما اضطرك إلى ما صنعت؟ أنفست على ابن عمك بالإمارة يعني سعد بن عبادة، فقام الحباب بن المنذر إلى سيفه فأخذ بقائمه وبادروه إليه فأخذوه منه فجعل يضربهم بثوبه في وجوههم حتى فرغوا وأقبل الناس من كل جانب يبايعون أبا بكر وكادوا يطؤون سعداً وهو مريض.
  وقال ناس من أصحاب سعد: لا تطئوه، فقال عمر: اقتلوا سعداً قتله الله فإنه صاحب فتنة، ثم قام على رأسه فقال: لقد هممت أن أطأ بطنك حتى أنثر حشوتك.
  فقال سعد: أما والله لو أن لي ما أقوى به على القيام لسمعتم مني في أقطارها وسككها زئيراً يزجرك وأصحابك، احملوني من هذا المكان فحملوه وأدخلوه داره، ثم سألوه بعد ذلك البيعة فلم يبايع.
  قال صاحب العقد النضيد: وأراد عمر أن يكرهه على البيعة، فأشير عليه أن لا يفعل، وأنه لا يبايع حتى يقتل وأنه لا يقتل حتى يقتل أهله ولا يقتل أهله حتى يقتل الخزرج كلها وإن حوربت كانت الأوس معها وفسد الأمر فتركوه.
  فكان سعد لا يصلي بصلاتهم ولا يجتمع معهم ولا يقضي بقضائهم حتى هلك أبو بكر وولي عمر فلقيه عمر في بعض طريق المدينة وهو على فرس وعمر على بعير فقال: إيهاً يا سعد، فقال: إيهاً عمر، فقال: أنت صاحب ما أنت صاحبه، قال: نعم ذلك، قال: أما والله ما جاورني بها جار قط أبغض إلي جواراً منك، قال عمر: إنه من كره جوار جاره تحول عنه، قال: إذا غير فشر(١) لك إني لأرجو أن أخليها إلى من هو أحب إلي منك ومن أصحابك وولى، فما لبث إلا يسيراً حتى خرج إلى الشام في أول خلافة عمر فمات بحوران ولم يبايع.
  ثم ذكر في الكامل المنير في هذه الرواية شعر الخباب وشعر حسان بن ثابت
(١) لم تتضح العبارة في الأصل، ولعلها كما ذكرنا، والله أعلم. والمذكور في الكامل المنير: فبشرىً.