شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل في التحسين والتقبيح العقليين)

صفحة 142 - الجزء 1

  جوانب المائدة دون الآخر لا لمرجح، وكذلك الهارب إذا عنَّ له طريقان ونحو ذلك. حكى هذا عنه القرشي في منهاجه.

  وقالوا أيضاً: لو كان التقبيح والتحسين من مقتضيات العقول كما هو مذهبكم لكان لا يخلو إما أن يقضي بهما من حيث الضرورة أو من حيث النظر، ومحال أن يقضي بهما من حيث الضرورة لأنهما لو كانا معلومين بالضرورة لوجب اشتراك العقلاء في العلم بهما كما في سائر الضروريات من البدايه والمحسوسات، وليس الأمر هكذا، فإنا نخالفكم في هذا العلم ولا يمكن أن يقال لنا: إنكم تعلمون التقبيح والتحسين مطلقاً، ولا تنازعون فيه وإنما تظنون أن طريقهما الشرع ومثل هذا يجوز ورود اللبس فيه كما عرض للكعبي في مخبر الأخبار المتواترة فظنه نظرياً.

  لأنا نقول: هذا خطأ بل نحن ننازعكم في أصل العلم بالقبيح والحسن فإنا نقطع بأنه يحسن من الله تعالى إيلام البري من غير استحقاق سابق ولا عوض لاحق، وأن يبتدئ خلقاً في النار يعذبهم من غير جريمة فدل ذلك على أنا ننازعكم في أصل العلم بالقبح والحسن.

  وعلمنا أن ذلك ليس ضرورياً كما زعمتم ومحال أن يقضي بهما العقل من حيث النظر لأنا لا نعلم طريقاً يمكن أن يتوصل به إلى العلم بهما.

  فإذا بطل أن يكونا معلومين بالضرورة أو بالنظر استحال إضافتهما إلى العقل وهذا مقصودنا. انتهى ما زخرفوه.

  والجواب: أن هذا منهم مع كونه النهاية في جحد الضرورة، ومكابرة العقول، وكشف لقناع الحياء، ورداً لقوله تعالى: {وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ٤٩}⁣[الكهف]، {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ٤٦}⁣[فصلت]، ما أشار إليه الإمام # بقوله: (لنا) حجة على مخالفينا (في جميع ذلك) الذي قدمنا ذكره (تصويب العقلاء) مسلمين كانوا أو كفاراً موحدين أو ملحدين (من مدح) المحسن (أو أحسن إلى