شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): في حكم الطريق إلى الإمام

صفحة 294 - الجزء 3

  أعرف بأمر دنياكم، وأنا أعرف بأمر دينكم».

  وهو الذي أخذ الفداء من أسارى بدر فخالفه عمر فرجع إلى تصويب رأيه بعد أن فات الأمر وخلص الأسرى ورجعوا إلى مكة.

  وهو الذي أراد أن يصالح الأحزاب على ثلث ثمر المدينة ليرجعوا عنه فأبى سعد بن معاذ وسعد بن عبادة ذلك وخالفاه ورجع إلى قولهما.

  وقد قال لأبي هريرة: اخرج فناد في الناس: من قال لا إله إلا الله مخلصاً بها قلبه دخل الجنة، فخرج أبو هريرة فأخبر عمر بذلك فدفعه بصدره حتى وقع على الأرض وقال: لا تقلها فإنك إن تقلها يتكلوا عليها ويدعوا العمل فأخبر أبو هريرة رسول الله ÷ بذلك وقال: لا تقلها وخلهم يعملون، فرجع إلى عمر.

  وقد أطبقت الصحابة إطباقاً واحداً على ترك كثير من النصوص لما رأوا المصلحة في ذلك كإسقاطهم سهم ذوي القربى وإسقاطهم سهم المؤلفة قلوبهم وهذان الأمران أدخل في باب الدين منهما في باب الدنيا، وقد عملوا بآرائهم أموراً لم يكن لها ذكر في الكتاب والسنة كحد الخمر فإنهم عملوه اجتهاداً ولم يحد ÷ أحداً من شاربي الخمر وقد شربها الجم الغفير في زمانه بعد نزول آية التحريم.

  ولقد كان أوصاهم في مرضه فقال: «أخرجوا نصارى نجران من جزيرة العرب» فلم يخرجوهم حتى مضى صدر من خلافة عمر، وعملوا في أيام أبي بكر برأيهم في ذلك وباستصلاحهم وهم الذين هدموا المسجد بالمدينة وحولوا المقام بمكة وعملوا بمقتضى ما يغلب في ظنونهم من المصلحة ولم يقفوا مع موارد النصوص حتى اقتدى بهم الفقهاء من بعد فرجح كثير منهم القياس على النص حتى استحالت الشريعة وصار أصحاب القياس أصحاب شريعة جديدة.