شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): في حكم الطريق إلى الإمام

صفحة 301 - الجزء 3

  قال ¦: والفرق بين الرجلين وبين الثالث ما أصيب [به]⁣(⁣١) الثالث وقتل تلك القتلة وخلعه الناس وحصروه وضيقوا عليه بعد أن توالى إنكارهم أفعاله وجبهوه في وجهه وفسقوه وذلك لأنه استأثر هو وأهله بالأموال وانغمسوا فيها واستبدوا بها فكانت طريقته وطريقتهم مخالفة لطريقي الأَوَّلَين فلم تصبر العرب على ذلك، ولو كان عثمان سلك طريق عمر في الزهد وقمع النفس، وردع الأمراء والولاة عن الأموال، وتجنب استعمال أهل بيته، ووفر أعراض أهل الدنيا وملاذها وشهواتها على الناس زاهدا فيها تاركا لها معرضا عنها لما ضره شيء قط ولا أنكر عليه أحد قط ولو حول الصلاة من الكعبة إلى بيت المقدس بل ولو أسقط عن الناس إحدى الصلوات الخمس واقتنع منهم بأربع، وذلك لأن همم الناس مصروفة إلى الدنيا والأموال فإذا وجدوها سكتوا، وإذا فقدوها هاجوا واضطربوا، ألست ترى رسول الله ÷ قسم غنائم هوازن على المنافقين وعلى أعدائه الذين يتمنون قتله وموته وزوال دولته، فلما أعطاهم أحبوه إما كلهم أو أكثرهم ومن لم يحبه بقلبه جامله وداراه وكف عن إظهار عداوته والإجلاب عليه ولو أن علياً # صانع أصحابه بالمال وأعطاه الوجوه والرؤساء لكان أمره إلى الانتظام والاطراد أقرب ولكن رفض جانب التدبير الدنيوي وآثر لزوم الدين، فاضطرب عليه أصحابه، وهرب كثير منهم إلى عدوه.

  قال ابن أبي الحديد: قد ذكرت في هذا الفصل خلاصة ما حفظته عن النقيب أبي جعفر |، ولم يكن إماميَّ المذهب، ولا كان يبرأ من السلف الصالح، ولا يرضى قول المسرفين من الشيعة، ولكنه كلام أجراه على لسانه البحث والجدل بيني وبينه على أن العلوي لو كان كراميّاً لا بد أن يكون عنده نوع من التشيع


(١) ما بين المعقوفين مفقود في الأصل، وما أثبتناه موجود في شرح النهج.