(فصل): في حكم الطريق إلى الإمام
  قلت: يا أمير المؤمنين إنك لتعلم.
  قال: أظنه لا يزال كئيباً لفوت الخلافة؟
  قلت: هو ذاك، إنه يزعم أن رسول الله ÷ أراد الأمر له.
  فقال: يا ابن عباس وأراد رسول الله [÷] الأمر له فكان ماذا إذا لم يرد الله تعالى ذلك؟! إن رسول الله ÷ أراد أمراً وأراد الله غيره فنفذ مراد الله [تعالى]، ولم ينفذ مراد رسوله، أوَكلما أراد رسول الله ÷ كان؟! إنه أراد إسلام عمه ولم يرده الله فلم يسلم(١).
(١) بناءً على ثبوت ما ذكره ابن أبي الحديد في هذه الرواية وذكر الحوار بين ابن عباس ¥ وعمر بن الخطاب حول ولاية علي بن أبي طالب # فقول عمر هذا باطل لوجوهٍ:
منها: أن رسول الله ÷ لا يريد ما لا يريده الله تعالى بدليل قوله تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ٣ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ٤}[النجم]، فما اراده رسول الله ÷ من ولاية علي # هو ما اراده الله تعالى في ذلك ونزل الوحي من الله تعالى به بدليل قوله تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا ...} الآية [المائدة: ٥٥]، وقوله ÷ فيما تواتر عنه «من كنت مولاه فعلي مولاه ... الخ» في خبر الغدير الذي قال فيه عمر بن الخطاب نفسه في ذلك اليوم المشهور: (بخ بخ لك يا بن أبي طالب أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة) ولم يفهم هو وجميع من حضر من المسلمين إلا ولاية الأمر لعلي بن أبي طالب # فكيف يصح قول عمر اذا لم يرد الله تعالى ذلك!
ومنها: أنه يلزم من قوله: إن رسول الله ÷ أراد أمراً وأراد الله غيره ... الخ، أن يكون رسول الله ÷ غير ملتزم بما يريده الله سبحانه وتعالى منه ÷ في تبليغ ما أمره الله به من تبليغ الرسالة وأداء الامانة وهذا خلاف ما ورد به القرآن الكريم في تنزيه رسوله ÷ عن القول في الشريعة بشيء من تلقاء نفسه بدليل قوله تعالى: {إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ١٥}[يونس].
ومنها: أن قوله: (إن رسول الله ÷ أراد إسلام عمه ولم يرده الله) باطل؛ لأنه مخالف لما ورد في كتاب الله ø فقد أمر الله سبحانه نبيئه ÷ بإنذار قرابته وعشيرته وذلك قوله تعالى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ٢١٤}[الشعراء]، فعندما نزلت هذه الآية جمع ÷ قرابته وأنذرهم ودعاهم إلى الإسلام كما ذلك مذكور في موضعه، فهذا دال على ما أراده الله سبحانه وتعالى من=