شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): في حكم الطريق إلى الإمام

صفحة 304 - الجزء 3

  قال ابن أبي الحديد: وقد روي معنى هذا الخبر بغير هذا اللفظ وهو: أن رسول الله [÷] أراد أن يذكره للأمر في مرضه فصَدَدْتُه عنه خوفا من الفتنة وانتشار أمر الإسلام فعلم رسول الله ÷ ما في نفسي فأمسك، وأبى الله إلا إمضاء ما حتم.

  وقال ابن أبي الحديد: وحدثني الحسين بن فرقد السني قال قرأت على ظهر كتاب أن عمر نزلت به نازلة فقام لها وقعد ثم ساق كلاماً إلى أن قال:

  أما والله إني وإياكم لنعلم ابن بجدتها⁣(⁣١) والخبير بها قالوا كأنك أردت ابن أبي طالب قال وأنى يُعدل عنه وهل طفحت حرة بمثله قالوا فلو دعوت به يا أمير المؤمنين قال هيهات إن هناك شمخا من هاشم وأثرة من علم ولحمة من رسول الله ÷ يؤتى ولا يأتي فامضوا بنا إليه فمضوا إليه فألفوه على حائط له عليه تَبَّان وهو يتركل على مسحاته ويقرأ: {أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى ٣٦}⁣[القيامة]، إلى آخر السورة، ودموعه تهمي على خديه، فأجهش الناس لبكائه، ثم سكت وسكتوا؛ فسأله عمر عن تلك الواقعة، فأصدر جوابها؛ فقال عمر: والله لقد أرادك الحق ولكن أبى قومك.

  قال: يا أبا حفص خفِّض عليك من هنا وهنا، {إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا ١٧}⁣[النبأ]، فوضع عمر إحدى يديه إلى الأخرى، وأطرق إلى الأرض وخرج وكأنما ينظر في رماد.


= إسلام عمه ÷ فكيف يقول: إن الله تعالى لم يرد إسلامه.

ومنها: أن الله سبحانه وتعالى أراد من خلقه جميعاً الجن والأنس أن يطيعوه ويعبدوه بدليل قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ٥٦}⁣[الذاريات]، فما الذي أخرج عم رسول الله ÷ من الأوامر بالطاعة لله تعالى، لكن إرادته تعالى العبادة أو الطاعة من خلقه إرادة أمر وتخيير لا إرادة جبر وقسر.

(١) العالم بالشيء المتقن، وأصله الدليل الهادي في الصحراء. تمت (المعجم الوسيط).