شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): في حكم الطريق إلى الإمام

صفحة 313 - الجزء 3

  ÷، أَنْ يَقْسِمَ لَهَا مِيرَاثَهَا، مِمَّا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ ÷ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهَا أَبُو بَكْرٍ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ÷ قَالَ: «لاَ نُورَثُ، مَا تَرَكْنَاه صَدَقَةٌ»، فَغَضِبَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ ÷، فَهَجَرَتْ أَبَا بَكْرٍ، فَلَمْ تَزَلْ مُهَاجِرَتَهُ حَتَّى تُوُفِّيَتْ، وَعَاشَتْ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ ÷ سِتَّةَ أَشْهُرٍ، قَالَتْ: وَكَانَتْ فَاطِمَةُ تَسْأَلُ أَبَا بَكْرٍ نَصِيبَهَا مِمَّا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ ÷ مِنْ خَيْبَرَ، وَفَدَكٍ، وَصَدَقَتَهُ بِالْمَدِينَةِ، فَأَبَى أَبُو بَكْرٍ عَلَيْهَا ذَلِكَ، وَقَالَ: لَسْتُ تَارِكًا شَيْئًا، كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ÷ يَعْمَلُ بِهِ إِلَّا عَمِلْتُ بِهِ، وإِنِّي أَخْشَى إِنْ تَرَكْتُ شَيْئًا مِنْ أَمْرِهِ أَنْ أَزِيغَ فَأَمَّا صَدَقَتُهُ بِالْمَدِينَةِ فَدَفَعَهَا عُمَرُ إِلَى عَلِيٍّ، وَعَبَّاسٍ، وَأَمَّا خَيْبَرُ، وَفَدَكٌ، فَأَمْسَكَهَما عُمَرُ، وَقَالَ: هُمَا صَدَقَةُ رَسُولِ اللَّهِ ÷، كَانَتَا لِحُقُوقِهِ الَّتِي تَعْرُوهُ وَنَوَائِبِهِ، فأَمْرُهُمَا إِلَى مَنْ وَلِيَ الأَمْرَ: فَهُمَا عَلَى ذَلِكَ إِلَى اليَوْمِ. انتهى ما في البخاري بلفظه إلا الصلاة على الآل.

  (قلنا) جوابا على الإمام يحيى والإمام المهدي @: (هو) أي أبو بكر (المنازع) إذ لا خلاف بين الناس أن فاطمة نازعته فهو خصمها ولم تنازع أحداً غيره (وأيما منازع) كائناً من كان (حكم لنفسه فحكمه باطل إجماعاً) فكيف يصح أن يقال إن حكمه صحيح وقد علم أن أمير المؤمنين # لم يحكم لنفسه في قضية النصراني معه بل تحاكما إلى شريح، وكذلك روي عن رسول الله ÷ أنه لم يحكم لنفسه بل حاكم إلى علي #.

  فثبت أن كل منازع حَكَم لنفسه فحكمه باطل (ولو لم يخالف) في حكمه (اجتهاده)؛ لأن الله سبحانه وتعالى أمر المتحاكمين أن يتحاكما إلى غيرهما من أهل الصلاح لما علم في ذلك من المصلحة؛ لأن الحاكم لنفسه متهم بالميل ولو حكم بالحق.

  وأيضاً الخصم غير مقبول الشهادة على خصمه فكيف يصح حكمه عليه، وفي ذلك من الضرر والحيف والميل عن الحق ما لا يخفى، ولهذا (قال الشاعر: