(فصل): في حكم الطريق إلى الإمام
  فالجواب وبالله التوفيق: إن في رجال حديث عروة عن عائشة إسحاق بن محمد الفروي نسبة إلى أبي فروة وقد تكلموا فيه وهّاه أبو داود جداً وقال أبو حاتم: مرة مضطرب، وقال النسائي: ليس بثقة. وقال الدارقطني: ضعيف، فلما شاع عندهم خبر مالك بن أوس بن الحدثان تقحم إسحاق هذا وافترى على رسول الله ÷ وعلى من بينه وبين النبي ÷ من الرجال وتهافت على ذلك من رجح خبره وخبر مالك بن أوس على كتاب الله سبحانه.
  قلت: وبطلان هذا الخبر معلوم من غير هذه الجهة لما ذكرناه قبل ولإجماع العترة $ وشيعتهم وإجماعهم حجة كما سبق تقريره.
  ومما يدل على أن هذا الخبر موضوع رد عمر(١) بن عبدالعزيز فدكاً لذرية فاطمة & وذلك أنه لما ولي معاوية أقطع مروان ثلثها بعد موت الحسن # فلم يزالوا يتداولونها حتى خلصت لمروان أيام خلافته فوهبها لعبد العزيز ابنه فوهبها لابنه عمر فلما ولي الخلافة كانت أول مظلمة ردها فكانت بيد أولاد
(١) عمر بن عبد العزيز عقد له بغير علمه بعهد من سليمان بن عبدالملك بمشورة رجاء بن حيوة بويع له بعد موت سليمان سنة ٩٩ هـ وبايع جميع من حضر من بني أمية وتنكب اعمال أهل بيته وسماها مظالم ولم ينزل في شيء من قصورهم وأوصى إذا مات أن يدفن في قطعة أرض ورثها من أمه، ورد مظالم بني أمية إلى أربابها، ووصل أهل بيت النبي ÷ بعشرة آلاف مثقال أنفذها إليهم إلى المدينة، ورد فدكا على أولاد فاطمة بلا خلاف بين أهل العلم في ذالك، وأدنى أهل العلم والصلاح وباعد أهل الفسوق والعصيان، ودان بالعدل والتوحيد خلافا لأهل بيته؛ لأنهم أول من سن الجبر والقدر، فسارت الجبرية والقدرية على الأثر، وترك لعن علي (ع) وكانوا قد جعلوا له مكانا في الخطبة فرد موضعه: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ ...} إلخ الآية [النحل: ٩٠] وأمر بقطعه في الآفاق ولم يقل أحد من بني أمية بالعدل والتوحيد إلا عمر بن عبد العزيز ويزيد بن الوليد الملقب بالناقص ومعاوية بن يزيد ولا ظهر لأحد منهم صلاح إلا لهؤلاء توفي | بخناصرة لست بقين من رجب سنة ١٠١ هـ وله تسع وثلاثون سنة وقبره بدير سمعان. (الشافي باختصار).