(فصل): في حكم الطريق إلى الإمام
  جلباب الفتن ونطق جاهل الغاوين ونبغ خامل الآفكين وهدر فنيق المبطلين فخطر في عرصاتكم وأطلع الشيطان رأسه صارخاً بكم فدعاكم وألفاكم لدعوته مستجيبين وللعزة ملاحظين، ثم استنهضكم فوجدكم خفافاً وأحمسكم فألفاكم غضاباً فوسمتم(١) غير إبلكم ووردتم غير شربكم هذا والعهد قريب والكلم رحيب والجرح لما يندمل، إنما زعمتم ذلك خوف الفتنة ألا في الفتنة سقطوا وإن جهنم لمحيطة بالكافرين.
  فهيهات وأنى بكم؟ وأنى تؤفكون؟ وكتاب الله بين أيديكم، زواجره بينة، وشواهده لائحة، وأوامره واضحة، أرغبةً عنه تريدون؟ أم بغيره تحكمون؟ بئس للظالمين بدلاً، ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين، ثم لم تلبثوا إلا ريثما(٢) إلا أن تسكن نفرتها وأنتم تزعمون أن لا إرث لنا، أفحكم الجاهلية تبغون، ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون.
  يا ابن أبي قحافة أترث أباك ولا أرث أبيه؟! لقد جئت شيئاً فرياً فدونكها مخطومة مرحولة تلقاك يوم حشرك، فنعم الحكم الله والزعيم محمد والموعد القيامة وعند الساعة يخسر المبطلون ثم انكفأت إلى قبر أبيها ÷ فقالت متمثلة:
  قد كان بعدك أنباء وهينمة(٣) ... لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب
  إنا فقدناك فقد الأرض وابلها ... واختل قومك فاشهدهم فقد نكبوا
(١) فأسمتم. (نخ من هامش الأصل).
(٢) هنا بياض في الأصل من بعد كلمة: «ريثما» ... إلى: إلا أن تسكن، ولعل كلمة «إلا» الثانية سهو من الناسخ، والله أعلم.
(٣) ويروى هنبثة: والهنبثة اختلاط في القول، ويقال الأمر الشديد. تمت (من هامش الأصل). وفي المعجم الوسيط: الهنبثة الداهية وكل أمر شديد يؤلم النفس.