شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

[القاسطون وما حدث منهم والتحكيم]

صفحة 348 - الجزء 3

  فأبى شرحبيل إلا أن يسير إلى معاوية، فلما قدم إلى معاوية أمر معاوية أهل الشام أن يتلقوه إعظاماً له ثم قال له: يا شرحبيل إن جريراً قدم إلينا يدعونا إلى بيعة علي وعلي خير الناس لولا أنه قتل عثمان وقد حبست نفسي عليك وإنما أنا رجل من أهل الشام أرضى بما رضوا وأكره ما كرهوا.

  قال شرحبيل: أخرج فأنظر، فخرج ولقي جماعة ممن كان قد دس إليهم معاوية أن علياً قتل عثمان وعظم في قلوبهم قتل عثمان فأخبروه أن علياً قتل عثمان فرجع مغضباً إلى معاوية فقال: يا معاوية أبا الناس إلا أن علياً قتل عثمان، والله لئن بايعته لنخرجنك من الشام ولنقاتلنك.

  قال معاوية: ما كنت إلا خائفاً عليكم وما أنا إلا رجل منكم.

  قال: فَرُدّ هذا الرجل إلى صاحبه فعرف معاوية أن شرحبيل ناصح وأن الشام معه وقال له معاوية: إن هذا الأمر لا يتم إلا برضى العامة فسر في مدائن الشام فسار شرحبيل في مدائن الشام يحرض على قتال علي # ويقرر عداوته في قلوبهم.

  وكتب معاوية إلى عمرو بن العاص فاستشار عمرو ابنيه عبدالله ومحمداً، فقال له عبدالله: أيها الشيخ إن رسول الله ÷ قبض وهو عنك راض ومات أبو بكر وعمر وهما عنك راضيان، فإياك أن تفسد دينك بدنيا يسيرة تُصيبُها مع معاوية فتجتمعان غداً في النار.

  ثم قال لمحمد: ما ترى؟

  قال: بادر هذا الأمر تكن فيه رأساً قبل أن تكون ذَنَباً.

  فسار إلى معاوية، فلما قدم عليه ذاكره أمره فقال له: أما علي فوالله لا تساوي العرب بينك وبينه في شيء من الأشياء وإن له في الحرب لحظاً ما هو لأحد من قريش إلا أن تظلمه.

  قال: صدقت ولكنا نقاتله على ما في أيدينا ونلزمه قتل عثمان بن عفان.