[فصل في ذكر الناكثين والقاسطين والمارقين]
  قال عمرو: وا سوأتاه إن أحق الناس أن لا يذكر عثمان أنا وأنت.
  قال: ولم ويحك؟
  قال: أما أنت فخذلته ومعك أهل الشام حتى استغاث بيزيد بن أسد البجلي، وذلك أن عثمان لما اشتد عليه الحصار واستغاث بمعاوية من الشام فلم يجبه، ثم استغاث بيزيد بن أسد البجلي وهو من أصحاب معاوية فتوجه إليه في أربعة آلاف من أهل الشام ثم عقب في آثارهم معاوية برسول وأمرهم أن يقيموا بوادي القرى حتى يأتيهم أمره وبلغ الخبر إلى عثمان فاتهمه، وأراد معاوية أن يتربص بعثمان الدوائر حتى يستتم له الملك.
  قال عمرو بن العاص: وأما أنا فتركته عياناً وهربت إلى فلسطين.
  قال معاوية: دعني من هذا مد يدك فبايعني، قال: لعمر الله لا أعطيك ديني حتى آخذ من دنياك، قال معاوية: قل، قال: مصر طعمة، فتلكأ معاوية عليه بها فغضب مروان بن الحكم وقال: ما لي ما أُستشار؟ فقال معاوية: اسكت فإنما يستشار لك.
  ثم قال له معاوية: أبا عبدالله بت عندنا وخاف أن يفسده عليه الناس ثم كتب له بمصر وأشهد له شهوداً وبايعه عمرو وتعاهدا على الوفاء.
  واحتال معاوية لقيس بن سعد بن عبادة عامل علي # فكتب إليه قيس بن سعد: من قيس بن سعد إلى معاوية بن صخر أما بعد فإنما أنت وثن من أوثان مكة دخلت في الإسلام كارهاً وخرجت منه طائعاً.
  وبلغ علياً # أن معاوية قد استعد للقتال فسار # في المهاجرين والأنصار ولما عقد الألوية أخرج لواء رسول الله ÷ ولم ير ذلك اللواء منذ قبض رسول الله ÷، وأنشأ قيس بن سعد بن عبادة يقول:
  هذا اللواء الذي كنا نحف به ... دون النبي وجبريل له مدد
  ما ضر من كانت الأنصار عيبته ... أن لا يكون له من غيرهم عضد