شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

[الأقوال في توبة الناكثين وحكم القاسطين]

صفحة 369 - الجزء 3

  به لعلمنا أن الله تعالى لا يأمرنا بطاعة أحد من خلقه إلا وقد علم أن لنا في ذلك صلاحاً وأن ذلك الذي أمر بطاعته قد علم طهارته وقوته على القيام بما افترض عليه من تحمل أعباء الإمامة، وعلينا أن نرضى بحكمه ونعرف الفضل لأهله ونقوم بما يجب علينا له من الموادة والمناصرة والمعاضدة ولا نحسده على فضله وعلى اختيار الله له واصطفائه إياه كما قال تعالى: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ}⁣[القصص: ٦٨]، وقوله تعالى: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَاتِهِ}⁣[الأنعام: ١٢٤].

[الأقوال في توبة الناكثين وحكم القاسطين]

  وذهب بعض من أثبت كون البغي على إمام الحق فسقاً وحكم بفسق من قاتل علياً # إلى أن طلحة والزبير وعائشة قد صحت توبتهم، قالوا: لظهورها في التواريخ.

  وقالت الإمامية وبعض الزيدية: لم تصح توبتهم. قلت: لا شك أن طلحة قتل في المعركة كما وصفنا من قبل ولم يُرْوَ عنه إلا ذلك القول الذي قاله وهو لا يفيد معنى التوبة، وكذلك الزبير لا شك في أن ابن جرموز قتله على الصفة التي ذكرنا فإن كان تركه للقتال مع أصحابه وعدم ميله إلى علي # والرجوع إلى الله سبحانه بطاعته والقتال معه وتعريف أصحابه أنهم على ضلالة توبة مقبولة فقد كان منه ذلك إلا أن يصح ما حكاه الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة # في العقد الثمين أن ابن جرموز وصل إلى علي برأس الزبير وسيفه فقال له علي #: «أما إنك قتلته تائباً مؤمناً طال والله ما كشف به الكرب عن رسول الله ÷» يعني السيف.

  وما حكاه أيضاً أن طلحة قال لرجل من أصحاب علي # بعد أن صرع: امدد يدك لأبايعك لأمير المؤمنين لألقى الله على بيعته والله أعلم.

  وأما عائشة فإنها بقيت بعد ذلك مدة، ورُوي عنها روايات متعارضة والظن