(فصل في التحسين والتقبيح العقليين)
  القبيح بالإصلاح والإنابة إلى الله سبحانه (بدليل قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ}) أي: من قبل نزول القرآن ({لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى}[طه: ١٣٤])، فبين سبحانه وتعالى أن إرسال الرسل À وإنزال الكتب وتأكيد حجة العقل وتقريرها قطع لمعذرة الأشقياء وإبطال لحججهم على الله سبحانه.
  ومثل هذه الآية قوله تعالى: {وَلَوْلَا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ٤٧}[القصص]، والمعنى: ولولا أنهم قائلون إذا عوقبوا بما قدموا من الشرك والمعاصي التي قد علموا قبحها بالعقل بدليل قوله تعالى: {بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ} هلا أرسلت إلينا رسولاً محتجين علينا بذلك لما أرسلنا إليهم.
  (ونظيره في الشرعيات) أي: نظير الإعذار بإرسال الرسل في العقليات بعد استحقاق العقوبة - (عدم جواز حد المرتد حتى يدعى إلى التوبة) والرجوع إلى الإسلام فإن تاب لثلاثة أيام قبل منه التوبة وإلا قتل(١).
(١) قال في هامش نسخة (أ) المخطوطة من نسخ الشرح الصغير في مثل هذا الموضع مايلي: والجواب الذي لا يخالجه ريب، ولا يخامره شك، القاطع بيانه والساطع برهانه هو: أن الله سبحانه لا يعاقب على الشرعيات إلا بعد الإعلام بها، وهذا هو المروي عن الإمام الأعظم الناصر لدين الله أبي الفتح الديلمي #، وهو الذي يفهم من كلام الوصي ~ في النهج، وجنح إليه الشارح العلامة؛ لأن الآيات تفيد ثبوت الحجة لولا الإرسال، ومن المعلوم أن العقل كاف كافل في العقليات كما قرره في الاستدلال، فلم يبق إلا الشرعيات. فإن قيل: يكون هذا من الإخبار بالمعلوم. قلنا: فيه بيان عدل الله تعالى وأنه لا يؤاخذ أحداً على ما لم يعلم، والقرآن مملُوٌ بمثل هذا، كقوله ø: {وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً}[الكهف ٤٩] {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعَالَمِينَ}[آل عمران ١٠٨] {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً}[يونس ٤٤] {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ..}[آل عمران ١٨]، والله الهادي. المفتقر إلى الله مجد الدين بن محمد بن منصور المؤيدي. لكن يضعف هذا قوله تعالى: {ذَلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ ١٣١}[الأنعام] فإنه لا يكون منهم ظلم في الشرعيات قبل ورود الشرع، ولا يحتمل أن =