شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل في التحسين والتقبيح العقليين)

صفحة 156 - الجزء 1

  القبيح بالإصلاح والإنابة إلى الله سبحانه (بدليل قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ}) أي: من قبل نزول القرآن ({لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى}⁣[طه: ١٣٤])، فبين سبحانه وتعالى أن إرسال الرسل À وإنزال الكتب وتأكيد حجة العقل وتقريرها قطع لمعذرة الأشقياء وإبطال لحججهم على الله سبحانه.

  ومثل هذه الآية قوله تعالى: {وَلَوْلَا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ٤٧}⁣[القصص]، والمعنى: ولولا أنهم قائلون إذا عوقبوا بما قدموا من الشرك والمعاصي التي قد علموا قبحها بالعقل بدليل قوله تعالى: {بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ} هلا أرسلت إلينا رسولاً محتجين علينا بذلك لما أرسلنا إليهم.

  (ونظيره في الشرعيات) أي: نظير الإعذار بإرسال الرسل في العقليات بعد استحقاق العقوبة - (عدم جواز حد المرتد حتى يدعى إلى التوبة) والرجوع إلى الإسلام فإن تاب لثلاثة أيام قبل منه التوبة وإلا قتل⁣(⁣١).


(١) قال في هامش نسخة (أ) المخطوطة من نسخ الشرح الصغير في مثل هذا الموضع مايلي: والجواب الذي لا يخالجه ريب، ولا يخامره شك، القاطع بيانه والساطع برهانه هو: أن الله سبحانه لا يعاقب على الشرعيات إلا بعد الإعلام بها، وهذا هو المروي عن الإمام الأعظم الناصر لدين الله أبي الفتح الديلمي #، وهو الذي يفهم من كلام الوصي ~ في النهج، وجنح إليه الشارح العلامة؛ لأن الآيات تفيد ثبوت الحجة لولا الإرسال، ومن المعلوم أن العقل كاف كافل في العقليات كما قرره في الاستدلال، فلم يبق إلا الشرعيات. فإن قيل: يكون هذا من الإخبار بالمعلوم. قلنا: فيه بيان عدل الله تعالى وأنه لا يؤاخذ أحداً على ما لم يعلم، والقرآن مملُوٌ بمثل هذا، كقوله ø: {وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً}⁣[الكهف ٤٩] {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعَالَمِينَ}⁣[آل عمران ١٠٨] {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً}⁣[يونس ٤٤] {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ..}⁣[آل عمران ١٨]، والله الهادي. المفتقر إلى الله مجد الدين بن محمد بن منصور المؤيدي. لكن يضعف هذا قوله تعالى: {ذَلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ ١٣١}⁣[الأنعام] فإنه لا يكون منهم ظلم في الشرعيات قبل ورود الشرع، ولا يحتمل أن =