شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

[الكلام على انفراد التكليف العقلي عن السمعي وذكر الخلاف في ذلك]

صفحة 157 - الجزء 1

  قال في الكشاف: فإن قلت: كيف يكون للناس حجة قبل الرسل وهم محجوجون بما نصبه من الأدلة التي النظر فيها موصل إلى المعرفة، والرسل في أنفسهم لم يتوصلوا إلى المعرفة إلا بالنظر في تلك الأدلة، ولا عرف أنهم رسل الله إلا بالنظر فيها؟

  قلت: الرسل منبهون من الغفلة وباعثون على النظر كما ترى علماء العدل والتوحيد مع تبليغ ما حملوه من تفصيل أمور الدين وبيان أحوال التكليف وتعليم الشرائع فكان إرسالهم إزاحة للعلة وتتميماً لإلزام الحجة لئلا يقولوا: لولا أرسلت إلينا رسولاً فيوقظنا من سنة الغفلة وينبهنا لما يجب الانتباه له. انتهى.

[الكلام على انفراد التكليف العقلي عن السمعي وذكر الخلاف في ذلك]

  تنبيه:

  هل يجوز انفراد التكليف العقلي عن السمعي فيكون المكلف مخاطباً بالعقليات ساقطاً عنه تكاليف الشرع فيعاقب إن أخل بالعقليات؟

  قالت المعتزلة: يصح ذلك فيجوز أن يكون في المكلفين من الأمم الماضية من لم يخاطب بشريعة قط وكذا في هذه الأمة بأن يكمل عقله قبل البلوغ الشرعي، وقيل: أما في هذه الأمة فلا يقع ذلك وإن كان يصح؛ إذ قد جعل الله تعالى البلوغ علامة للتكاليف كلها فنقطع بأن كمال العقل إنما حصل عنده فقط لا قبله للإجماع على أن أولاد عبدة الأوثان حكمهم قبل البلوغ حكم آباءهم مطلقاً فلو جوزنا إكمال عقولهم قبل البلوغ لجاز كونهم حينئذ مسلمين.

  وقالت الإمامية: لا يصح افتراق التكليفين العقلي والسمعي أصلاً.


= يكون الظلم في تعذيبهم، أي: بظلم منا لو عذبناهم بالشرعيات قبل ورود الشرع؛ لأنه احتمال متعسف، وكذا سائر الآيات تأويلها بعيد جداً، فالأولى أن يكون رفع العذاب في العقليات كما تفضل الله به قبل ورود الشرع زيادة في الحجة وقطعاً للأعذار، والله ولي التوفيق. المفتقر إلى الله مجد الدين بن محمد بن منصور المؤيدي غفر الله له. من هامش (أ) بخطه #.