شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل في التفضيل)

صفحة 434 - الجزء 3

  قلنا: أردنا بذلك الإجماع من جهة المعنى أولاً وآخراً ومن جهة اللفظ والمعنى آخراً وكشف ذلك أنهم أجمعوا معنا في صحة إمامته # بعد عثمان وخالفناهم في صحة إمامة أبي بكر وعمر وعثمان في جميع الأزمان فكان الحق ما وقع الإجماع عليه.

  وأما الإجماع من جهة المعنى فقد أجمع الصحابة ومن بعدهم قرناً بعد قرن إلى يومنا هذا أن الإمام يجب كونه أفضل الأمة أو كأفضلهم وقد علمنا أن الفضل بمجموع أشياء منها الثبات في الأمر والصبر على مضض الحرب والتقدم في المواطن الكريهة والنكاية في العدو.

  ومنها السخاء بما حوت اليد والإيثار على النفس والأهل والولد، ومنها الزهد في الدنيا والإعراض عنها والرغبة في الآخرة والإقبال إليها، ومنها الورع الحاجز عن الإقدام على المحرمات وترك الواجبات.

  ومنها العلم البارع بحيث يكون أهلاً لتبيان القضايا وفك المشكلات، ومنها وساطة الحسب وشرف الأبوة، ومنها السبق إلى الخيرات والمبادرة إلى الطاعات، ومنها التمكن من جودة الرأي وحسن التدبير ليكون مقدماً في السياسات فهذه الأمور من اجتمعت فيه كان بالاضطرار أفضل الناس بل من حاز أكثرها فأما الإحاطة بها فما يُلحِّق العلم بأن من حازها يكون أفضل الخلق بالضروريات الأوليّات وهو # قد حازها وزيادة بلا خلاف بين أهل العلم لأن شجاعته # ضربت بها الأمثال ونظمت فيها الأشعار واجمع على العلم بها المؤمنون والكفار ولو لم يكن له من الجهاد إلا يوم خيبر لكان كافياً لأن أهل النقل لم يختلفوا وإجماعهم في النقل حجة في أن رسول الله ÷ دفع الراية إلى أبي بكر فرجع مهزوماً يلوم أصحابه ويلومونه ثم دفعها إلى عمر فعاد كذلك فقال: «لأعطين الراية غداً رجلاً كراراً غير فرار يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله لا يرجع حتى يفتح الله على يديه» فدفعها إلى علي بن أبي طالب # فتقدم