فصل: [ما يدرك بالعقل وأقسامه]
  قال الإمام # في مختصر أصول الفقه: والعلم والظن إن كانا بذات فتصور فيما يمكن تصوره وإلا فإيمان كالعلم بالله تعالى وإن كانا بحكم فإيمان ويمكن تصور الأحكام فيكون تصوراً أيضاً. انتهى.
  وعلم التصور مقدم على علم التصديق لأن من لا يعلم المفردين لا يمكنه أن ينسب أحدهما إلى الآخر بنفي ولا إثبات.
  وطريق اكتساب علم التصور الحد إن كان المطلوب العلم بالماهية مفصلاً والرسم إن كان المطلوب مجرد تمييزها عن غيرها، والشرح الذي هو الحد اللفظي إن كان المطلوب العلم بالماهية مجملاً.
  والحد قال القرشي(١) في المنهاج: هو قول مؤلف من ذاتيات الشيء الكاشفة عن ماهيته كما إذا حددت الخمر بأنه: شراب معتصر من العنب مسكر كثيره، فإن هذه الأوصاف ذاتية للخمر.
  ومعنى كونها ذاتية أنه لا يعقل ولا يكون خمراً إلا بها حتى لو رفعتها عن ذهنك لما أمكنك تصور الخمر.
  قال: والرسم: «قول مؤلف من عرضيات الشيء المميزة له عن غيره» كما إذا حددت الخمر بأنه شديد يقذف بالزبد يحفظ في الدن أحمر ونحو ذلك.
  وكما إذا حددت الإنسان بأنه «المنتصب القامة العريض الأظفار الماشي على رجلين الضاحك» ونحو ذلك فإن هذه الأشياء عرضية ومعنى كونها عرضية أنه يمكن أن تعقل الماهية من دونها فهي في حكم العارضة الخارجة عن الماهية.
  وهذه العرضيات تنقسم إلى لوازم كالولادة للإنسان والزوجية والفردية
(١) يحيى بن الحسن بن موسى المعروف بالقرشي الصعدي، الفقيه، عماد الدين العلامة. كان فقيهاً، صدراً، عالماً، لساناً في المتكلمين، وعمدة في الموحدين، له (العقد في أصول الفقه) و (المنهاج المعروف بمنهاج القرشي في أصول الدين)، كان في زمن الإمام صلاح الدين محمد بن علي بن محمد #، وتوفي سنة ٧٨٠ هـ. (طبقات الزيدية باختصار).