شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

[باب: في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]

صفحة 7 - الجزء 4

  بأنواع العذاب وعنده رجل كامل العقل ينظر إليه ولا ينهاه أن ذلك ظلم يستقبحه العقل كما يستقبح فعل الرجل بالصبي ولأنه لو لم يجب عقلاً وجاز ترك النكير مع التمكن منه لجاز الرضا به والرضا بالقبيح قبيح.

  ولأنه كما يجب أن يمتنع هو يجب أن يمنع غيره، وللاتفاق على وجوب كراهة القبيح.

  قال الإمام المهدي #: والجواب عن الأول أن أحدنا إنما يرى وجوب النهي عن تقطيع أعضاء الصبي وتعذيبه لما يلحق المشاهد له من الرقة له حتى يتألم بذلك فيجب عليه دفع ما يجد من التألم بالمنع من ذلك لا لكونه قبيحاً بدليل أنا إذا شاهدنا رجلاً يعبث أو يكذب ورجلاً يراه ويتمكن من منعه فإن عقولنا لا تقتضي حسن ذم المشاهد له على كونه لم يمنعه من ذلك ولا نعلم وجوب منعه بضرورة العقل ولا دلالته لما لم يلحقنا مشقة بمشاهدة ذلك.

  وأما الثاني: فجوابه أنا لا نسلم أن ترك إنكار المنكر مع التمكن رضا بالمنكر ولا جار مجرى الرضا فقد يسكت الإنسان وإن رأى ما يكره.

  وأما الثالث فجوابه أنا لا نسلم أنه كما يجب أن يمتنع هو يجب أن يمنع غيره ولا أن وجوب كراهة القبيح يستلزم وجوب المنع منه. انتهى.

  والمعروف هو كل فعل يستحق به الثواب والمنكر هو كل فعل يستحق به العقاب ولكن الأمر بالمندوب مندوب لأنه إذا جاز للمأمور أن يترك المندوب جاز للآمر أن يترك الأمر به.

  نعم، وإنما يجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (متى تكاملت شروطهما وهي) أربعة:

  الأول: (التكليف) أي كون الآمر الناهي مكلفاً أي بالغاً عاقلاً؛ لأنه لا وجوب على الصبي والمجنون.