(فصل: في حقيقة النظر و) ما يجب منه وبيان (أقسامه)
  وقد حكي عن بعض المتأخرين أظنه المؤيد بالله(١) أنه يجوز أن يكون من المكلفين من يعرف الله تعالى ضرورة في دار الدنيا مع بقاء التكليف كالأنبياء والأولياء والصالحين.
  قال: والذي يدل على أن العلم بالله ليس بضروري وإنما هو اكتسابي ما قد ثبت أنه يقع بحسب نظرنا على طريقة واحدة فيجب أن يكون متولداً عن نظرنا.
  وإذا كان كذلك والنظر من فعلنا فيجب أن تكون المعرفة أيضاً من فعلنا لأن فاعل السبب ينبغي أن يكون فاعلاً للمسبب فيبطل أن يكون ضرورياً؛ لأن الضروري هو ما يحصل فينا لا من قبلنا، وأيضاً يقع بحسب قصودنا ودواعينا وينتفي بحسب كراهتنا وصوارفنا مع سلامة الأحوال إما محققاً وإما مقدراً وهذا أصل دليلنا في خلق الأفعال.
  قال: ولا يرد علينا اللون الحادث عند الضرب أن يكون من قبلنا لأنه يقع بحسب الضرب في القلة والكثرة.
  لأنا نقول: إن ذلك اللون ليس بحادث عند الضرب وإنما هو لون الدم انزعج بالضرب فلا يشبه مسئلتنا.
  قال: ومما يدل على أن العلم بالله سبحانه لا يجوز أن يكون ضرورياً أنه يلزم في العادم له أن يكون معذوراً؛ لأن ذلك عند الخصم موقوف على الله سبحانه
(١) الإمام المؤيد بالله أبو الحسين أحمد بن الحسين بن هارون بن الحسين بن محمد بن هارون بن محمد بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن السبط بن علي بن أبي طالب $. دعا سنة ثمانين وثلاثمائة، أفاد الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة #: أنه لم ير في عصره مثله فضلاً، وزهداً وعلما، وسخاوة، وشجاعة وورعاً، وحلماً، لم يبق علم من علوم الدنيا والدين إلا وقد ضرب فيه بأوفر نصيب، توفي الإمام المؤيد بالله # يوم عرفة سنة إحدى عشرة وأربعمائة، ودفن يوم الأضحى، وصلى عليه الإمام مانكديم، مشهده بـ (لنجا) وعمره سبع وسبعون سنة. وله المؤلفات الباهرة منها كتاب التجريد وشرحه اربعة مجلدات. (التحف للإمام الحجة مجدالدين بن محمد المؤيدي # باختصار).