[باب: في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]
  تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ٢ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ}[الطلاق]، وقوله تعالى: {يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ ٥٦}[العنكبوت]، وغير ذلك.
  فإن قلت: أيهما أفضل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع خشية الإضرار بالنفس أو التلف أو قبول الرخصة؟
  قلت: أما مع حصول مصلحة في الدين فلا شك أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع ذلك أفضل لقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ ...} الآية [التوبة: ١١١]، وكالجهاد مع ظن القتل، ولما روي من قصة عمار وأمه سمية وأبيه ياسر فإنهم عذبوا من أجل الإسلام فأما سمية فربطت بين بعيرين ووجئت في قبلها بحربة وقالوا: إنك أسلمت من أجل الرجال فقتلت، وقتل ياسر زوجها وهما أول قتيلين في الإسلام.
  وأما عمار فقد أعطاهم بلسانه ما أرادوا مكرهاً فقيل: يا رسول الله إن عماراً كفر، قال: «كلا إن عماراً ملئ إيماناً من قرنه إلى قدمه واختلط الإيمان بلحمه ودمه» فأتى عمار رسول الله ÷ وهو يبكي فجعل رسول الله يمسح عينيه وقال: «ما لك؟ إن عادوا لك فعد لهم بما قلت» هكذا ذكره صاحب الكشاف.
  قال فإن قلت: أي الأمرين أفضل: أفعل عمار أم فعل أبويه؟
  قلت: بل فعل أبويه لأن في ترك التقية والصبر على القتل إعزازاً للإسلام، وقد روي أن مسيلمة أخذ رجلين فقال لأحدهما: ما تقول في محمد؟ قال: رسول الله. قال: فما تقول فيَّ؟ قال: أنت أيضاً، فخلاه.
  وقال للآخر: ما تقول في محمد؟ قال رسول الله، قال: فما تقول فيَّ؟ قال: أنا أصم، فأعاد عليه ثلاثاً، فأعاد جوابه، فقتله.