شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(باب الهجرة)

صفحة 39 - الجزء 4

  ومن كان بين العدو فَيَبْعُد منه الجهاد. انتهى كلام الإمام #.

  قال (جمهور أئمتنا $: وتجب) الهجرة (من دار الفسق) وهي ما تظاهر أهلها بالعصيان الذي لا يوجب الكفر أو ظهر من غير جوار كما تقدم وسواء كان العصيان بالبغي أو غيره (خلاف الإمام يحيى # والفقهاء الأربعة) الشافعي وأبو حنيفة ومالك وابن حنبل فإنهم لا يثبتون دار الفسق ولا الهجرة عنها، ولا يوجبون الهجرة من دار الكفر أيضاً.

  (لنا) حجة على وجوب الهجرة عنها وعن دار الكفر (قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ}) [النساء: ٩٧]، تمام الآية: {قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ}⁣[النساء: ٩٧]، (إلى قوله تعالى: {قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا) فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ٩٧}⁣[النساء]، (ولم يفصل) تعالى بين دار الكفر ودار الفسق لأنه جل وعلا لم يجعل العلة في جوب الهجرة إلا ظلم النفس وهو عام للكفر والفسق.

  وفي قوله تعالى: {فِيمَ كُنْتُمْ} من التوبيخ لهم بأنهم لم يكونوا في شيء من الدين حيث قدروا على المهاجرة ولم يهاجروا فقالوا: {كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ} اعتذاراً مما وبخوا به واعتلالاً بالاستضعاف ما لا يخفى فبكتتهم الملائكة بقولهم: {أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا}.

  (و) لنا حجة مؤكدة من السنة (قوله ÷: «لا يحل لعين ترى الله يعصى فتطرف حتى تغير أو تنتقل») ولم يفصل ÷ أيضاً بين عصيان الفسق وعصيان الكفر.