شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(باب الهجرة)

صفحة 43 - الجزء 4

  وعن الأوزاعي: ما من شيء أبغض إلى الله تعالى من عالم يزور عاملاً وغير ذلك.

  واعلم أن أعظم الفتن وأكبر المفاسد في الدين وأعظم الإعانة للظالمين سكون علماء السوء بين أظهرهم ومواصلتهم فإنه لولا ذلك لما انتصبت للظالمين راية ولا استقامت لهم شوكة لأن الأكثر من العوام إنما يقتدي بعلماء السوء في ذلك وإلا لنفروا عنهم وبعدوا.

  ومن ذلك ما رواه المسعودي في تاريخه: أن شريك بن عبدالله بن سنان النخعي القاضي دخل على المهدي العباسي يوماً فقال له: لا بد أن تجيبني إلى خصلة من ثلاث قال: وما هن يا أمير المؤمنين؟

  قال: إما أن تولى القضاء أو تحدث ولدي وتعلمهم أو تأكل أكلة.

  ففكر ثم قال: الأكلة أخفهن على نفسي فاحتبسه وقدم إلى الطباخ أن يصلح له ألواناً من المخ المعقود بالسكر والعسل فلما فرغ من غدائه قال له المقيم على المطبخ: يا أمير المؤمنين ليس يفلح الشيخ بعد هذه الأكلة؟

  قال: قال الفضل بن الربيع: فحدثهم والله شريك بعد ذلك وعلم أولادهم وولي القضاء لهم ولقد كتب بأرزاقه إلى الجهيد فضايقه في النقد فقال له الجهيد: إنك لم تبع براً قال له شريك: بلى والله قد بعت أكبر من البر لقد بعت ديني.

  قال المسعودي: وشريك هذا هو غير شريك بن عبدالله بن أبي أنمر الليثي لأنهما يتشابهان في الآباء والأمهات.

  قلت: وقد روى في الخبر الطويل الذي أخرجه ظفر⁣(⁣١) بن داعي بن مهدي


(١) ظفر بن داعي بن مهدي، السيد العلوي، الأستراباذي. قال في الطبقات: كان سيداً عالماً، وقال في المستطاب: الشريف العلامة الحافظ أبو الفضل ظفر بن داعي بن مهدي العلوي الأستراباذي، ممن كان في زمن الموفق بالله وأول زمن الإمام أحمد بن سليمان، وله مؤلفات منها =