(فصل): في ذكر خطايا الأنبياء $
  وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا ١١٥}[طه]، وقال حاكياً قول موسى # للخضر #: {لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ}[الكهف: ٧٣]، وقال تعالى في يونس # وعجلته: {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ}[الأنبياء: ٨٧]، قال #: وقد قيل إن سبب إباقه أنه أرسله الله إلى قومه فكذبوه فوعدهم بنقمة من الله تصيبهم بعد ثلاثة أيام وقال لهم: وعلامة ذلك أن وجوههم تصبح غبراء أول يوم من هذه الأيام واليوم الثاني تصبح حمراء واليوم الثالث تصبح وجوههم سوداء ويأتيهم العذاب، ثم إنه تنحا عنهم لئلا يناله ما ينالهم.
  فلما أصبحت وجوههم كما ذكر لهم في اليوم الأول واليوم الثاني صدقوا وخافوا العذاب فآمنوا به وجأروا إلى الله بالدعاء والتوبة فرفع الله عنهم العذاب فلما كان بعد ثلاثة أيام أتى يونس # لينظر كيف كانت مصيبتهم فأتى وهم سالمون فاغتم لذلك وأبق خوفاً من أن يكذبوه واستعجل ولم ينتظر الوحي من ربه فكان من أمره ما حكى الله سبحانه وتعالى.
  قلت: ينظر في صحة هذه القصة.
  قال #: واعلم أنا لا نقطع على من كان عصى الله بمعصية عمداً ثم تاب منها وأناب وأخلص واشتهر إخلاصه وتوبته عند الخاص والعام وظهر صدقه ووفاءه وطهارته وتقاه أنه لا يجوز أن يرسله الله إلى قوم لا بل نقول إنه قد يمكن ويجوز ذلك لأنه قد خرج من جملة الظالمين وأهل الظنة والمتهمين، ألا ترى أن الشاهد الفاسق إذا تاب من فسقه عند أداء الشهادة أنه لا يقبل منه ويكون من أهل الظنة فإذا تاب قبل ذلك بزمان طويل أنه تقبل شهادته ولا يظن فيه كذب ولا شهادة زور.
  قال: والدليل على ما قلنا ما كان من قصة أولاد يعقوب # من عقوق أبيهم وظلم أخيهم ثم تابوا من ذلك وسألوا أباهم أن يستغفر لهم فغفر الله لهم