شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

كتاب المنزلة بين المنزلتين

صفحة 65 - الجزء 4

  وغروره فقاسمه على ما ذكره الله في كتابه فقال: {مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ ٢٠}⁣[الأعراف]، فاستعجل آدم فأكل من الشجرة ولم ينتظر الوحي في ذلك من عند الله فعوقب في استعجاله في أكلها وقلة صبره لانتظار أمر ربه.

  قلتَ: فكيف كان كلام إبليس وخدعه إياه هل كان تصور له جسماً أو رآه عياناً؟

  فقال: إنما سمع آدم كلامه ولم يره جسماً وقد رويت في ذلك روايات كذب فيها من رواها وكيف يقدر مخلوق أن يخلق نفسه على غير مُرَكَّبِ خَلْقِه وفطرةِ جاعله، هذا ما لا يثبت ولا يصح عند من عقل وعرف الحق.

  قلتَ: فقد كان محمد ÷ يخاطب جبريل ويعاينه على عظيم خلقه وجسيم مركَّبه؟

  قال: إنما كان جبريل # ينزل على محمد ÷ على صورة لطيفة يقدر على رؤيتها وعيانها وصح عندنا أن النبي محمداً # رأى جبريل في صورة دحية الكلبي وإنما ذلك خلق أحدثه الله فيه وركبه عليه لما علم من ضعف البشر وأنهم لا يقدرون على النظر إلى خلق الملائكة لعظيم خلقهم وجسيم مركبهم.

  إلى قوله #: قلتَ: فما معنى قوله: {فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا}⁣[طه: ١٢١]؟

  قال: معنى قوله: {بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا} فهو سوء فعلهما لا كما يقول من جهل العلم وقال بالمحال إن الله كشف عورة نبيئه وهتكه، وكيف يجوز ذلك على الله والله لا يحب أن يكشف عورة كافر به؟

  قلتَ: فقوله: {يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا}⁣[الأعراف: ٢٧]؟

  فقال: قد اختلف في ذلك ورويت فيه روايات وأصح ما في ذلك عندنا والذي بلغنا عن نبينا ÷ أن لباسهما هو لباس التقوى والإيمان لا ما يقول به الجاهلون.