كتاب المنزلة بين المنزلتين
  قلتَ: فقوله: {وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ}[طه: ١٢١]؟
  قال: إنما كانا في الجنة في ظلها وتحت أشجارها فلما أُخرِجا منها وأصابتهما الشمس بحرها ورمضاء الأرض فأرادا أن يجعلا لهما موضعاً يكون لهما فيه ظلال كما يفعله من خرج من منزله في سفر ونيته إلى غيره من البوادي وغيرها فلا يجد ظلاً ولا مسكناً فلا يجد بداً من أن يعرش عريشاً يكنه ويستره من الحر ويقيه من شدة البرد.
  قلتَ: فالجنة التي كانا فيها أفي السماء كانت أم في الأرض؟
  قال: هي جنة من جنان الدنيا والعرب تسمي ما كان ذا ثمار وأنهار جنة.
  قلتَ: فقوله: {اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا}[البقرة: ٣٨]؟
  قال: ذلك جائز في لغة العرب ألا ترى أنك تقول: هبطنا نجران، وهبطنا اليمن، ونريد أن نهبط الحجاز. انتهى كلامه #.
  وقال الحسين بن القاسم بن علي # في تفسيره: المعنى أن الشيطان قال: ليس هذه هي الشجرة المحرمة فكلا منها لتكونا ملكين، فقامت «أن» مقام «لام» الأفعال المستقبلة ولكنه اختصر وزاد «إن لا» صلة للكلام، {أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ ٢٠}[الأعراف] يريد: وتكونا من الخالدين، ولكن «أو» قامت مقام «الواو».
  ومعنى قوله: لتكونا ملكين من الملوك وأصل الملك هو الرفعة والعز وبه سميت الملائكة ملائكة ثم فرق بينهم وبين الملوك بنصب اللام للملائكة وبكسر اللام للملوك، ثم صار ذلك مشهوراً فإن رد إلى أصله لم يعرفه إلا القليل وتفسير ذلك مثل قول الله ø: {وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ}[البقرة: ١٠٢]، فظن الجهال أن الله عنى ملكين من الملائكة وإنما عنى في قولنا وقول أئمتنا À ملكين من ملوك الدنيا كانا ببابل ولكنه رد الاسم إلى أصله.