كتاب المنزلة بين المنزلتين
  من غير مبالاة) منهم (بصغرها وكبرها وحاشاهم) عن ذلك (ثم) إنها (بُينت لهم من بعد) الإقدام عليها جرأة (فذلك) لا يجوز عليهم؛ لأنه (مؤد إلى التنفير عن قبول ما أتوا به) من الشرائع (وذلك) أي ما أدى إلى التنفير (باطل) لا يجوز وقوعه في حق الأنبياء $ ولا يقول به أحد.
  قال السيد مانكديم # في شرح الأصول وغيره: إن كون تعريف الصغائر إغراء إنما يختلف باختلاف المكلفين فمنهم من هو عظيم الرغبة في طاعة الله تعالى وامتثال أوامره ونواهيه شديد الحرص على تحصيل ثوابه واجتناب منهياته ومعاصيه، كما أن منهم من يتحمل مشاق فعل المندوبات وترك المكروهات رغبة في الامتثال وولعاً بتحصيل الثواب مع العلم بعدم المؤاخذة وانتفاء العقاب فمن هذه صفته يجوز ألا يكون التعريف إغراء في حقه وهذه هي حالة الأنبياء $ جميعاً فجاز تعريفهم الصغائر ولم يكن ذلك إغراء لهم لأنه لا يؤدي إلى فعلها.
  فإن قيل: إن القول بأن جميع معاصي الأنبياء $ لا عمد فيها لا يستقيم في معصية الأسباط $ وفعلهم مع أخيهم يوسف الصديق وعقوق أبيهم المؤدي إلى بكائه حتى ابيضت عيناه من الحزن وكذبهم في إتيانهم بالقميص الملطخ بالدم المكذوب إلى غير ذلك مما حكاه الله سبحانه عنهم مما لا يحتمل التأويل فإنه لم يكن عمداً.
  والجواب والله الموفق: أنه لا مانع من نبوتهم وإن كانت معصيتهم من صريح العمد إذا علم الله سبحانه منهم إخلاص التوبة والطهارة كما تقدم ذكره عن الإمام أحمد بن سليمان والإمام القاسم بن علي $ وقد ذكر الأسيوطي أنه لا دليل على نبوتهم.