كتاب المنزلة بين المنزلتين
  يقول: تأتيهم الآيات، وما يريد أن يحل بهم من العذاب والنقم والآفات.
  إلى قوله #: فلما أفاق موسى صلى الله عليه قال: {سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ ١٤٣}[الأعراف]، يقول: لو ابتليتني وأريتني وأظهرت لي من بعض ما سألتك مما أهلكتَ به الجبال الراسية فلك الحمد على ما صرفت عني من ذلك رحمة منك بي وتفضلاً عليّ ... إلى آخر كلامه #.
  ومثل هذا التأويل ذكره الإمام الكبير القاسم بن إبراهيم # في مجموعه تركته لطوله.
  ومما يلحق بذلك قصة أيوب # قال إبراهيم بن المحسن العلوي |: وسألته عن قول أيوب ~: {أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ}[ص: ٤١].
  فقال: معنى قوله: {مَسَّنِيَ} فهو ما كان من كلامه ووسوسته له، وذلك أن أيوب ~ كان قد جعل أضيافه إلى امرأته، فأتاه إبليس اللعين، فقال: يا أيوب إن امرأتك قد فضحتك في أضيافك. فأتاها فقال: ما الذي حملك على أن تفضحيني في أضيافي، أقسم لأضربنك مائة ضربة بالعصى فلما همّ بالذي أقسم به من ضربها، أتاه الملعون إبليس، فقال: يا أيوب، يا سبحان الله لا يحل لك أن تضرب امرأة ضعيفة، لم تجرم جرماً ولم تأت قبيحاً، ولم تفعل أمراً تستحق به منك ضرباً، وليس لها قوة على ضربة واحدة، فكيف مائة ضربة، فلا تهلكها وتأثم بربك في أمرها.
  فلما تركها وعفّ(١) عنها، أتاه من موضع آخر، فقال: يا أيوب، سبحان الله! كيف يحل لك أن تقعد عنها وقد حلفت لتضربنها، ولا ترجع عن يمينك، ولا تأثم بالله ربك. فلما رجع إليها ليضربها أتاه بالوسوسة على مثل ما أتاه أولاً؛ فلم
(١) كذا في الأصل والذي في كتاب الإمام الهادي #: «كفّ».