كتاب المنزلة بين المنزلتين
  كما نقله إلى معنى الإيمان لقوله تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ}[آل عمران: ٨٥]، ولقوله تعالى: {فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ٣٦}[الذاريات]، وحينئذ يصح أن يقال: إنه حقيقة دينية في مرتكب الكبيرة؛ لأنه يمكن أن يقال: إنما أطلق اسم المسلم على مرتكب الكبيرة على مقتضى أصل الوضع اللغوي وهو الانقياد والله أعلم.
  ويؤكد ذلك وهو أن الإسلام في الشرع إنما هو بمعنى الإيمان ما ذكره الهادي # في كتاب المنزلة بين المنزلتين حيث قال: باب ذكر الأعمال الصالحة وذكر الله الأعمال الصالحة وأخبر أنها من الإيمان والإسلام والدين فقال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}[البينة: ٥]، ثم قال سبحانه: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ}[آل عمران: ١٩]، فسمى دينه الإسلام، ثم قال تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ٨٥}[آل عمران]، فجعل الإسلام الدين.
  وقال تعالى: {فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ٣٥ فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ٣٦}[الذاريات]، وهم أهل بيت واحد فوصفهم مؤمنين ثم سماهم المسلمين.
  وقال: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ١٧}[الحجرات]، فسمى الإسلام إيماناً(١) فلما سمى الله ø الصلاة والزكاة الدين، وسمى الدين إسلاماً، وسمى الإسلام إيماناً علمنا أن الصلاة والزكاة من الإيمان والإسلام والدين. انتهى.
(١) أي حيث قال تعالى: {أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ} أي: الإسلام الذي زعمتموه {إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ١٧} في دعواكم للإسلام الذي هو الإيمان. (من هامش الأصل).