(فصل): في ذكر الكفر والنفاق والفسق وحقائقها
  قال #: (فلو كانوا كفاراً ما قال) تعالى (هم أقرب إليه وهم) حينئذ (فيه)؛ لأنه لا يقال: هذا أقرب إلى هذا إلا وهو غير حاصل فيه فلما قال تعالى: {هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ} علم أنهم غير داخلين في الكفر.
  لفظ القاسم # في كتاب القتل والقتال من كلام طويل فصنف سبحانه من أحل قتله وتقتيله أصنافاً ثلاثة مختلفة لا يشتبه اختلافهم على من وهبه الله أدنى معرفة والمنافقون منهم الذين يقولون من التقوى ما لا يفعلون والذين بسوء فعلهم يكذبون فيما يقولون ويعدون الله فيما يعدونه ثم يخلفون ما وعدوه ويكذبونه كما قال سبحانه: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ ٧٥ فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ ٧٦ فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ٧٧}[التوبة].
  إلى قوله #: وكما قال ø: {وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ ١٦٧ الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ١٦٨}[آل عمران]، وكما قال سبحانه: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَا مِنْهُمْ ...} الآية [المجادلة: ١٤]، إلى قوله: {إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ ١٩}[المجادلة].
  وما دل سبحانه من هذه الصفات كلها وغيرها على المنافقين فموجود اليوم كثير فيمن تسمى كذباً وظلماً بأسماء المتقين وهذا فهو معنى النفاق المعروف في لسان العرب وكلامها وما يدور من معلوم اللسان فيه بين خواصها وعوامها لا يجهله منها صغير طفل ولا كبير كهل، ولو كان النفاق ليس إلا ما زعم بعض