شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

كتاب المنزلة بين المنزلتين

صفحة 116 - الجزء 4

  سبحانه فلما صح عندنا أن من عبد من دون الله غيره فإنه لم يعبده إلا لمعصيته⁣(⁣١) لله؛ لأن الله سبحانه نهاه أن يعبد غيره فتعدى أمره فكان له عاصياً وكان لعصيانه⁣(⁣٢) كافراً إذ نهاه أن يعبد معه سواه فعبد معه غيره وكذلك اليهود والنصارى لم نجد أصل كفرهم وشركهم إلا معصية الله في محمد ÷ ولو أطاعوا الله في محمد ÷ والتصديق لما جاء به من عند الله ø لكانوا مؤمنين فثبت عليهم الشرك بمعصية الله في ترك طاعتهم لمحمد وهم بالله مقرون وله فيما أمر به عاصون فلما أن عصوه في أمره كانوا عنده كافرين في حكمه.

  وكذلك من ينتحل دين الإسلام والإيمان وهو مقيم لله سبحانه على كبائر العصيان فحاله عندنا حال من ذكرنا من العاصين وإن كان بمحمد ÷ من المقرين فهو مقر بلسانه جاحد بفعله معرض بقلبه.

  إلى قوله #: ومما يقال فمن زعم أن من قال بلسانه وترك العمل بجوارحه مؤمن أن يقال: خبرنا عمن قتل النفس التي حرم الله وزنا وشهد شهادات الزور وأكل الربا وقبل الرشا وظلم المسلمين وعطل أحكام رب العالمين وشرب الخمور وترك الصلاة وأفطر شهر رمضان ولم يؤد زكاة ماله وركب الذكور من الغلمان ولم يحل حلاله فيفعله ولم يحرم حراماً فيتركه هل يكون من كانت فيه هذه الخصال مؤمناً حقاً عندك؟

  فإن قال: نعم.

  قيل له: فالواجب في القياس والحق أن يكون من أقام الصلاة وآتى الزكاة وحج البيت وأتم الصيام وحافظ على الصلاة واجتنب الزنى ولم يركب الذكران ولم يشهد شهادات الزور ولم يأكل الربا ولم يقبل الرشا ولم يسفك الدماء على غير


(١) كذا في الأصل، وفي كتاب الإمام الهادي #: بمعصية الله.

(٢) كذا في الأصل، وفي كتاب الإمام الهادي #: بعصيانه له.