شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): في ذكر ما يصير به المكلف كافرا أو فاسقا في الشرع

صفحة 122 - الجزء 4

  تعالى فهو نوع مخصوص من الكفر وقيل: إنهم يعدون كل من خالفهم من أهل القبلة كافراً وليس بمشرك ويقولون: إن تحريم الذبيحة والدفن بين المسلمين ونحو ذلك من الأحكام إنما تجري على المشركين على ما رواه الحاكم عنهم.

  قلنا: قد ثبت أن الكافر اسم لمن يستحق أعظم العقاب فعمهما التعريف فيجب أن يكونا متساويين.

  وأيضاً أجمعت الأمة على أن قوله تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ}⁣[التوبة: ٥]، يتناول جميع الكفار فصح أن المشرك في الشرع بمعنى الكافر.

  فإن قيل: قوله تعالى: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ}⁣[البينة: ١]، وقوله تعالى: {مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ}⁣[البقرة: ١٠٥]، بعطف المشركين على كفرة أهل الكتاب يقتضي المغايرة.

  قلنا: إن الشرك وإن كان قد صار منقولاً من أصل وضعه بالشرع إلى معنى الكفر فإنا لم نمنع بعد ذلك من استعماله في المعنى اللغوي كما في غيره من المنقولات عن أصل وضعها من الإيمان والكفر وغيرهما وقد قام الدليل على استعمال الشرك على المعنى الذي يطلق عليه لفظ الكفر شائعاً ذائعاً فصار حقيقة فيه لكنها حقيقة مشتركة بين المعنى اللغوي والشرعي لتردد الذهن عند إطلاقها بينهما بخلاف الإيمان والصلاة ونحوهما فإنها صارت في المعنى اللغوي مجازاً إذ لا يسبق الذهن عند إطلاقها إلا إلى المعنى الشرعي.

  وقال الناصر # في كتاب البساط: إن طاعة الشيطان من معاصي الرحمن شرك قال: والدليل على ذلك قوله تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ١١٥ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}⁣[النساء]،