[النظر الموصل إلى معرفة الله سبحانه فرض عين ولا يكفي فيه التقليد]
[النظر الموصل إلى معرفة الله سبحانه فرض عين ولا يكفي فيه التقليد]
  قال (أئمتنا $ والجمهور) من المعتزلة وغيرهم: (وهو) أي: النظر والمراد به هنا النظر الموصل إلى معرفة الله سبحانه (فرض عين) على جميع المكلفين والمكلفات؛ لأنه موصل إلى معرفة الله سبحانه وهي واجبة على جميع المكلفين ليوجهوا الشكر إليه تعالى على النعم التي أسداها إليهم التي لا يجهلونها ولا يحصونها والمراد من معرفته سبحانه أنه سبحانه موجود صانع هذا العالم ومبدعه ومخترعه وأنه واحد لا يشاركه في الإلهية غيره ولا يشبهه شيء وأنه حي قادر عالم حكيم عدل في جميع أفعاله لا يحب الفساد ولا يأمر به ونحو ذلك مما يحق له سبحانه ويستحيل عليه ø كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى.
  وإنما يعرف سبحانه بصنعه وأفعاله كما قال أمير المؤمنين # في بعض خطبه: «وَأَرَانَا مِنْ مَلَكُوتِ قُدْرَتِهِ وَعَجَائِبِ مَا نَطَقَتْ بِهِ آثَارُ حِكْمَتِهِ وَاعْتِرَافِ الْحَاجَةِ مِنَ الْخَلْقِ إِلَى أَنْ يُقِيمَهَا بِمِسَاكِ قُوَّتِهِ مَا دَلَّنَا بِاضْطِرَارِ قِيَامِ الْحُجَّةِ لَهُ عَلَى مَعْرِفَتِهِ وَظَهَرَتِ فِي الْبَدَائِعِ الَّتِي أَحْدَثَتْهَا آثَارُ صَنْعَتِهِ وَأَعْلَامُ حِكْمَتِهِ فَصَارَ كُلُّ مَا خَلَقَ حُجَّةً لَهُ وَدَلِيلًا عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ خَلْقاً صَامِتاً فَحُجَّتُهُ بِالتَّدْبِيرِ نَاطِقَةٌ وَدَلَالَتُهُ عَلَى الْمُبْتَدَعِ قَائِمَةٌ وَأَشْهَدُ أَنَّ مَنْ شَبَّهَكَ بِتَبَايُنِ أَعْضَاءِ خَلْقِكَ وَتَلَاحُمِ حِقَائقِ مَفَاصِلِهِمُ المحتاجة لِتَدْبِيرِ حِكْمَتِكَ لَمْ يَعْقِدْ غَيْبَ ضَمِيرِهِ عَلَى مَعْرِفَتِكَ». انتهى.
  ولا يبعد أن يكون أصل معرفته تعالى إلهاماً منه ø وفطرة فطر العقول على ذلك كما فطرها على إدراك المدركات.
  وقد أشار إلى ذلك النبيء ÷ بقوله: «كل مولود يولد على الفطرة ... الخبر»(١) ولذلك نجد أكثر الكفار لا ينكرون الله سبحانه وأنه
(١) رواه المؤيد بالله # في شرح التجريد والإمام أحمد بن سليمان # في أصول الأحكام، والإمام عبدالله بن حمزة # في العقد الثمين، وراه في مصنف عبدالرزاق، والبخاري في صحيحه، ومسلم في صحيحه، والترمذي في سننه، وقال: حسن صحيح، وأبو داود في سننه، وأحمد بن حنبل في مسنده، =