كتاب المنزلة بين المنزلتين
  الشيطان بحدوث هذه المقالة التي ابتدعتموها.
  قال النجري: ولنا أيضاً حجة على الحسن البصري ورداً عليه في تسمية مرتكب أي كبيرة منافقاً إجماع الصحابة أن المنافق هو من أبطن الكفر وأظهر الإسلام ومعلوم أن الفاسق لا يبطن كفراً فكيف يكون منافقاً، وأيضاً المنافق يُقدم على المعصية وهو مستحل لها غير خائف عقاباً من أجلها والفاسق ليس كذلك ولكنه يسوِّف التوبة أو يرجّي المغفرة.
  قلت: وأما قوله: لو كان يقطع بصدق الوعد والوعيد والجنة والنار لما ارتكب الكبيرة فنقول: إن لم يقطع بذلك وشك فيه فهو كافر فلم سميته منافقاً ولم تسمه كافراً.
  وأما ما تمسكتَ به من قوله تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ٦٧}[التوبة]، فكذلك نقول: فمن أين لك أن الفاسق منافق.
  قلت: ويمكن أن يجاب عن جميع ذلك بأن المنافق في اللغة اسم لمن يظهر خلاف ما يبطن وذلك يصدق على مرتكب الكبيرة؛ لأنه يتسمى بالإيمان والتقوى ويتلبس بهما وأفعاله تشعر بخلاف ذلك وهذا حقيقة النفاق أعني أن تكون الأعمال مخالفة لما يتسمى به فاعلها.
  ولا دليل من الشرع يدل على نقله فهو اسم عام لمن أبطن الجحد أو غيره من المعاصي والكافر اسم عام لمن كفر نعمة المنعم بالعصيان له سواء كان ذلك العصيان هو الجحد أو غيره، وأما معاملة النبي ÷ لأهل الكبائر وفعل علي # في الناكثين والمارقين فإنما ذلك معاملة لهم في الدنيا وهي بمعزل عن إجراء الأسماء عليهم.
  وأما قول علي # من الكفر فروا فمراده أنهم فروا من عصيان الله بزعمهم مع أنهم عاصون لله قطعاً فلا يلزم من ذلك أن لا يسموا كفاراً بل هم كفار نعمة