شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): في ذكر ما يصير به المكلف كافرا أو فاسقا في الشرع

صفحة 136 - الجزء 4

  للجمهور) من المعتزلة وغيرهم فإنهم قالوا: لا يسمى كافر نعمة؛ لأن الطاعات عندهم ليست شكراً وإنما هي مصالح في الدين.

  قالوا: والشكر الاعتراف بنعمة المنعم مع التعظيم، والفسق لا ينافيه إذ قد يكون الفاسق معترفاً بالنعمة مع التعظيم بقلبه أو بجارحته.

  (قلنا) في الجواب على الجمهور: (هو) أي الكفر (معناه) أي معنى مرتكب الكبيرة أي ارتكاب الكبيرة كفر (عرفاً) أي في عرف أهل اللغة لأنه ضد الشكر وضد الشكر هو الكفر وذلك (لأن الطاعات شكر لله) تعالى في مقابلة الملك والنعمة (كما مر) في كتاب النبوات فإذا ارتكب الكبيرة فقد أخل بالشكر والإخلال بالشكر هو الكفر.

  وأما قولهم: إن الشكر هو الاعتراف مع التعظيم فقط فباطل بإجماع أهل اللغة على أن الشكر اعتقاد بالجنان وقول باللسان وعمل بالأركان في مقابلة النعمة وقد مر الاحتجاج على ذلك (ولقوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ} أي ومن ترك الحج) {فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ٩٧}⁣[آل عمران]، (فسمى ترك الحج كفراً) وكذلك قوله تعالى: {وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ ٤٩}⁣[التوبة]، وقوله تعالى: {وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا ٦٧}⁣[الإسراء]، وذلك عام في الفاسق وغيره من أهل النار وغير ذلك كثير.

  وقال تعالى: {الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا ٣٧}⁣[النساء]، وقال سبحانه: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ}⁣[المجادلة: ٣]، إلى قوله: {وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ ٤}⁣[المجادلة].

  وقال الناصر # في كتاب البساط: حدثنا بشر، قال: حدثنا وكيع، قال: