شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

كتاب المنزلة بين المنزلتين

صفحة 147 - الجزء 4

  الأمور مع مناكرة المرتكب له في المماثلة بينهما لشبهة يدعي اقتضاءها⁣(⁣١) ذلك.

  قال: ولنذكر له مثالين فهما كافيان:

  الأول: قول المجسمة إن الله جسم ذو أعضاء، فإن المعلوم ضرورة من دين النبي ÷ أن الله تعالى لا يشبه خلقه وأنه دان بذلك، فلو قال المجسم: إنه سبحانه شبيه بخلقه كان بذلك كافر تصريح؛ لأنه قد كذب النبي ÷ حيث أثبت ما نفاه لكنه قال: إن الله تعالى جسم ذو أعضاء وجوارح وزعم أن هذا ليس من التشبيه الذي جاء الرسول ÷ بنفيه، وأن الرسول إنما حرم تشبيه الله بعباده في صفات النقص من الحدوث وتوابعه من الموت والتألم ونحوها وذلك لشبهة وهي الظواهر التي في القرآن والسنة، فهذا كافر تأويل لأنه لم يثبت لله من الوصف عين ما جاء الرسول ÷ بنفيه فيكون مكذباً وإنما أثبت مثل ما نفاه ÷ وزعم أنه غير مثل له.

  المثال الثاني: قول المجبرة إنه تعالى فاعل الظلم والكذب والعبث فإن المعلوم ضرورة من دين النبي ÷ أن الله تعالى لا يجوز أن يوصف بأنه ظالم أو كاذب أو عابث وأن من وصفه بذلك أو اعتقده فيه فقد كفر وهؤلاء القوم لم يصفوه بذلك ولا اعتقدوه فيه لكنهم وصفوه واعتقدوا فيه أنه فاعل الظلم والكذب والعبث وأنكروا كون الوصف بأنه فاعل ذلك مماثلاً للوصف بأنه ظالم وكاذب وعابث لشبهة اقتضت عندهم اختلاف الوصفين وامتناع مماثلتهما فهذان المثالان كافيان في تمييز كفر التأويل من كفر التصريح.

  قال #: وأما فسق التصريح فهو: ما علم من الدين ضرورة أنه فسق.

  وفسق التأويل: ما لم يعلم ضرورة أنه فسق، وإنما علم بالدليل كونه فسقاً


(١) في (ب): اقتضاها. وأما في الأصل ففي هذه العبارة بعض طمس، ولعلها كما أثبتنا والله أعلم.