كتاب المنزلة بين المنزلتين
  قال الإمام #: (وكذا القول في من يقول: إن الله يحل في الكواعب الحسان ومن أشبههن(١) من المردان) أي في أنهم كالمجبرة والمشبهة في أنهم كفار لا أنهم كالمجبرة والمشبهة في التأويل فإن كفر هؤلاء تصريح اتفاقاً لأنهم باطنية وإن تستروا بالإسلام ولو فرضنا أنهم ليسوا باطنية فإنهم حلولية حيث قالوا: إنه تعالى عن ذلك يحل في الصور الحسان (عشقاً منه لها تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً)، ومن وصف الله سبحانه بالحلول في المخلوق ونسب إليه العشق فقد كفر إجماعاً، وذلك كفر تصريح لا تأويل فيه؛ لأنه عين ما يوجب الكفر لا مثله.
  (و) كذلك القول في الإباحية الذين يقولون (إن أموال الناس) المحرمة حلال (والفروج المحرمة حلال و) أنه (ليس المراد بالجنة) التي وعدها الله المؤمنين (إلا وصل الحبيب) أي محبوبهم، (و) ليس المراد (بالنار) التي أعدها الله للكافرين والفاسقين (إلا هجره) أي هجر الحبيب وينفون الجنة والنار ولا يثبتونهما فإنهم كفار تصريح اتفاقاً وهم من الباطنية (للآية) المتقدم ذكرها وهي قوله تعالى: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ}[الزمر: ٣٢]، لأنهم قد كذبوا الله تعالى في جميع ما أخبر به من الحلال والحرام والجنة والنار وغير ذلك.
  (ولردهم أيضاً ما علم أنه من الدين ضرورة) أي بضرورة العقل وذلك كتحريم أموال الناس ودمائهم والزنى ونحو ذلك (وهو أيضاً تكذيب) ثان (لله ولرسوله وكذا القول في من والى كافراً) أي أحبه فإنه يكفر لأن موالاة الكافر توجب الكفر (لقوله تعالى): {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ
(١) شابههن (نخ). (من هامش الأصل).