شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): في ذكر الإكفار والتفسيق

صفحة 158 - الجزء 4

  وقال القاسم بن إبراهيم # في كتاب الهجرة: ومن صار إلى عدو من أعداء الله إلى محبة أو موالاة أو مسالمة أو مراضاة⁣(⁣١) أو مؤانسة أو موادة أو مداناة أو مقاعدة أو مجاورة أو اقتراب فضلاً عن تواد أو تحاب فقد باء صاغراً راغماً من الله جل ثناؤه بسخطه، وهلك في ذلك بهلكة عدو الله وتورط من الهلكة في متورطه وكان في الإساءة والجرم مثله وأحله الله في العداوة له محله وجعله الله لموالاته لمن عاداه ولم يصر إلى ما أمره به من تقواه منهم ونسبه بموالاته لهم إليهم وحكم عليه بما حكم به من السخط واللعنة عليهم. انتهى.

  قلت: وفي هذا إشعار بأنه لا يشترط في الموالاة مواطأة القلب بل يكفي منها الأفعال التي ظاهرها الموالاة والمحبة ولو كان بقلبه مضمراً لكراهتهم وكراهة أفعالهم ولعل هذا مراد الإمام # وهو الأولى؛ لأن تحريم الموالاة والمعاداة ورد مطلقاً.

  فكل فعل ظاهره الموالاة والمعاداة يحكم على فاعله به ولا عبرة بأفعال القلوب إذاً لما وجبت الهجرة والله أعلم.

  ويؤيد ذلك ما رواه سمرة بن جندب قال: أما بعد فإن رسول الله ÷ قال: «من جامع المشرك أو سكن معه فإنه مثله»⁣(⁣٢) ذكره رزين.

  وأخرج الترمذي بمعناه أو قريباً منه، ذكره ابن بهران.

  (أو) لم يوال كافراً ولكنه (صوب عاصياً) لله تعالى (في) أي (عصيانه) والمراد العاصي (المتجاري عليه) أي المتعمد للمعصية لله تعالى جرأة فإن من صوبه في ذلك العصيان كفر (لرده ما علم أنه من الدين ضرورة) وهو قبح عصيان الله تعالى المالك المنعم فمن أنكر ذلك كفر بلا إشكال؛ (إذ هو تكذيب


(١) مصافاة (ظ). (من هامش الأصل).

(٢) رواه أبو داود في سننه، والطبراني في الكبير عن سمرة.