(فصل): في ذكر الإكفار والتفسيق
  لما جاء به رسول الله ÷) من تحريم المحرمات مع كونه رداً لحكم العقل من وجوب امتثال أمر المالك المنعم، ومن صوب عاصياً في عصيان المالك المنعم فقد رد حكم العقل وذلك يقتضي الاستخفاف بالله جل وعلا عن ذلك (أو) لم يوال كافراً ولا صوب عاصياً في عصيانه ولكنه (جالسهم) أي جالس العاصين في (حال ارتكابهم فعل الكفر) أي الموجب لكفر فاعله (غير مكره) على مجالستهم.
  أما إذا أكره على ذلك أو اضطره إليه ضرورة أو مصلحة دينية ولم يعارضها مفسدة فلا إثم عليه كما سبق ذكره في الهجرة وإنما كان المجالس لفاعل الكفر كافراً (لقوله تعالى): {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا (فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ}) [النساء: ١٤٠]، أي في الكفر بسبب مجالستهم لغير عذر وهذا نص أيضاً في كفر من جالس مرتكبي الكفر حال عصيانهم.
(فرع): يتفرع على كفر المشبهة والمجبرة
  اختلف المكفرون لهم في حكمهم في الدنيا ومعاملتهم فقال (بعض أئمتنا $) وهو ظاهر إطلاق قدمائهم $: (وحكم نحو المجبرة) أي المجبرة ونحوهم كالمشبهة ومن كان كفره على جهة التأويل فحكمهم (حكم المشركين) أي حكم سائر الكفار، فتحرم مناكحتهم ويمتنع التوارث ويجوز سبيهم وتغنمهم ونحو ذلك.
  وقال الإمام (المهدي) أحمد بن يحيى (# وأبو علي) الجبائي (والقاضي) عبدالجبار (و) جعفر (بن مبشر) ورواه النجري عن القاسم وأبي طالب والجرجاني والمنصور بالله $: (بل) لهم (حكم المرتدين لأن إظهارهم الشهادتين إسلام واعتقادهم ذلك) أي الجبر والتشبيه ونحوهما (ردة) منهم