(فصل: في حقيقة النظر و) ما يجب منه وبيان (أقسامه)
  رب خلاق ولا أنا لكم إله رزّاق لأن كل رب في لسان العرب فسيد ومليك ولا سيما إذا كان وليس له عند نفسه فيما ملك شريك.
  أوَلا تسمع يا بني وترى أنه لم يزعم أنه رب لغيرهم من أهل القرى التي لا ملك له عليها ولا سلطان له فيها، فلما لم يوقن بغيره ولم يستدل على الله بتدبيره وكذَّب من الله بما لم تره عيناه وكان كل من صدقه مثله لا يؤمن إلا بما عاينه ورآه أو ما كان لذلك مثلاً ونظيراً قال: أنا ربكم وإلهكم ولم يدع له صنعاً ولا تدبيراً صغراً منه وتضاؤلاً عن تلك ودعواها فلمَّا صغر عنها وتضاءل كان ادعاؤه لسواها مما يدخل به وفيه غلط وامتراء وما يمكن في مثله له عندهم الادعاء، ولو ادعى فيهم خلقاً أو انتحل لهم رزقاً لما اعترتهم في كذبه مع ذلك مرية، ولا أعمتهم من الشبهة في أمره مُعمية».
  وقال الهادي # في كتاب تفسير الكرسي في سياق ذكر المشبهة: «ونحن فلا نقول إنهم جحدوا الله تعالى وذلك لأن الله فطرهم على معرفته، ولكنا نقول: إنهم جهلوا الله وصغروه فلهم أصغر صغير وأحقر حقير عند الله عز ذكره» انتهى.
  ولا يبعد أيضاً أن تكمل معرفة الله سبحانه ضرورة في بعض المخلوقين كالملائكة والأنبياء وبعض المتقين من الأولياء ممن خصه الله تعالى واصطفاه كأمير المؤمنين # فإنه قال: «لو كشف الغطاء ما ازددت يقيناً» وغيره وذلك كما فضل الله سبحانه في العقول من يشاء من عباده.
  ومثل هذا ذكره الإمام يحيى # في الشامل واختاره حيث قال: تنبيه، اعلم أنا وإن قلنا إن العلم بالله ليس ضرورياً كما حققناه فلسنا نبعد أن يكون في المكلفين من يعلم الله تعالى ضرورة كالملائكة والأنبياء وبعض المتقين من الأولياء ممن خصه الله تعالى واصطفاه بمواد القرب والحظوة عنده كأمير المؤمنين وغيره ... إلى آخر كلامه #.