شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): في ذكر الإكفار والتفسيق

صفحة 168 - الجزء 4

  قال: وإن قال: أقطع بأن الفاسق ما عني بهذه الوعيدات الشرعية كان دفعاً للإجماع الظاهر فيكون هذا فسقاً.

  قلت: الأقرب أنه يكون كفراً لأنه رد لقوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ٩٣}⁣[النساء].

  وإن قال بأن آيات الوعد والوعيد متعارضة في حقهم فليس هذا القول يوجب كفراً ولا فسقاً وإنما يكون خطأً لا غير. انتهى.

  وقال النجري: أما من نفى بعض آيات الوعيد فقط وهو الوعيد بالخلود في النار فلا يكفر؛ إذ لا يعلم ذلك ضرورة.

  قلت: والأقرب أنه يكفر لأنه رد لقوله تعالى: {وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ٨٠ بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ٨١}⁣[البقرة].

  قال: وقيل: يكفر من جوَّز استثناءً أو شرطاً غير معلوم، أو قال بتعارض العمومين والتوقف إذ هو رد لكتاب الله تعالى وأدلته الدالة على تخليد الفاسق في النار.

  قال: وقال كثير من أصحابنا: يكفر الذاهب إلى تجويز الاستثناء والشرط غير المعلوم لأن فيه تجويز الإلغاز والتعمية على الله تعالى وهو قبيح وقد ثبت أن من نسب إلى الله قبيحاً كفر.

  قالوا: بخلاف الذاهب إلى التوقف لتعارض العمومين فإنه وإن لزم من كلامه أن يكون في أحد العمومين استثناء أو شرط لكنه يقول هو معلوم في نفسه إذ أحد العمومين مخصص بالآخر قطعاً فلم يخاطبنا الله إلا بما يمكن العلم به