(باب التوبة)
(باب التوبة)
  لما فرغ # من الكلام في المعاصي والأسماء والأحكام الشرعية عقّب ذلك بذكر التوبة فقال:
  التوبة (لا خلاف في وجوبها) بين المسلمين على من ارتكب معصية عقلاً وسمعاً:
  أما عقلاً فلأنها دفع ضرر عن النفس ودفع الضرر عن النفس واجب عقلاً.
  وأما سمعاً فلورود الآيات الكثيرة بذلك كقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا}[التحريم: ٨]، ونحوها.
  وتجب أيضاً (فوراً) عقيب العصيان (لأن) التراخي عن التوبة إصرار و (الإصرار على المعاصي عصيان) بل هو معدود من الكبائر المحبطة للإيمان (والعاصي مخاطب بترك معصيته في كل وقت) فثبت وجوب التوبة فوراً لذلك.
  (وتصح) التوبة ويقبلها الله تعالى (مدة العمر) وإن عصى المذنب بتأخيرها (ما لم تحضر) المذنب (ملائكة الموت) فأما إذا حضرته الملائكة لخروج روحه فإنها لا تقبل توبته (لقوله تعالى: {يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ لَا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا ٢٢}) [الفرقان]، أي حراماً محرماً عليكم قبول الإنابة (ونحوها) أي نحو هذه الآية كقوله تعالى: {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ}[النساء: ١٨].
  وتجب التوبة من الصغائر وفاقاً لأبي علي لأنه لا يخلو منها إلا إلى قبيح وهو الإصرار إذ هو ضدها والقبيح ليس للعاقل فعله وإن لم يستحق عليه عقاباً فوجبت التوبة لكونها ترك قبيح هكذا حكاه الإمام المهدي # عن أبي علي.